لعوامل ذاتية وموضوعية، اقتحمت فضائنا الثقافي والإجتماعي في الآونة الأخيرة، مجموعة من القيم والمبادئ، وأضحت هذه القيم عناوين إلى أنشطة ثقافية مختلفة، وبعيداً عن المواقف الأيديولوجية المسبقة، من الضروري أن ندرك أن رفع شعار الحرية أو التسامح أو التعددية أو الوسطية، لا يعني...
لعوامل ذاتية وموضوعية، اقتحمت فضائنا الثقافي والإجتماعي في الآونة الأخيرة، مجموعة من القيم والمبادئ، وأضحت هذه القيم عناوين إلى أنشطة ثقافية مختلفة، وبعيداً عن المواقف الأيديولوجية المسبقة، من الضروري أن ندرك أن رفع شعار الحرية أو التسامح أو التعددية أو الوسطية، لا يعني بشكل طبيعي وأوتوماتيكي إننا أصبحنا من أهل هذه القيم.
وإنما المطلوب بناء رؤية ثقافية متكاملة، تساهم في تفكيك القيم المضادة لهذه القيم، وبناء وقائع ومناهج وخيارات، تساهم في تعزيز خيار القيم الجديدة في الفضاء الوطني الخاص والعام.
وما ينقص المشهد الثقافي الوطني، هو صياغة كيفيات وآليات التحول نحو القيم الجديدة، وتوفير كل موجباتها في الحياة العامة.
من هنا، فإنني أود في هذا السياق الإقتراب النظري من مفهوم الحرية، وأن الخطر الحقيقي الذي يواجهنا كعرب ومسلمين على هذا الصعيد، حينما يتم التعامل مع هذا المفهوم بوصفه مفهوماً ناجزاً، وأنه الحل السحري لمشاكلنا المختلفة.
فالحرية في بعدها النظري وبعدها التطبيقي، ليست مشروعاً ناجزاً، وإنما هي من المشروعات المفتوحة على كل المبادرات والإبداعات الإنسانية... من هنا فإنه لا حرية بدون أحرار، ولا ديمقراطية بدون ديمقراطيين - وإن كل حرية أو ديموقراطية بلا أحرار فهي حرية وديمقراطية شكلية... وإن حجر الزاوية في مشروع الحرية هو وجود الإنسان الحر، الذي يترجم قيم الحرية ويدافع عن مقتضياتها ومتطلباتها.
وإن هذه العملية، لا تتم إعتباطاً أو صدفةً، وإنما هي بحاجة إلى تهيئة وتنشئة وتربية...
من هنا، فإن المطلوب ليس الصراخ بإسم القيم الجديدة، وإنما العمل على التربية عليها - لأن التربية على هذه القيم والمبادئ، هو الطريق الطبيعي لخلق وقائع مجتمعية منسجمة ومقتضيات هذه القيم.