-
/ عربي / USD
منذ أنْ حشّدت أوروبا قواها المجتمعية، وقدراتها الإقتصادية، وأنظمتها الإجتماعية، والسياسية، الحديثة والمتفوقة، لتعيد بناء نفسها، وتجدد قوتها وتزيدها، وتخرج من حدودها القارية، ولتكتشف مجتمعات العالم الجديد، ثم تحتلها، ومعها أيضاً المجتمعات العالم القديم، وتفرض عليها كلها الخضوع لإرادتها، وإطاعة أمرها، والعمل في خدمتها؛ أصبح الهاجس الأول والأهم الذي يؤرق الساسة والمفكرين في تلك المجتمعات، وحتى عامة الناس أيضاً ولو بفهم ومنظور مختلفين، هو جاس الإجابة عن سؤال محوري ومركزي مفاده: كيف أصبحت أوروبا على هذا القدر من القوة والقدرة على الفعل والإنجاز والتفوق، وكيف يمكن التصدي لها ومقاومتها.
وكانت أول إجابة تتبادر إلى الأذهان هي: أنَّ ما حدث في أوروبا محصلة لما سبق وعاشته من قبل، وتعيشه آنذاك من مقدمات ونتائج عصر الحداثة، الذي اجتمعت فيه وتكثفت وتجسدت عملياً منجزات عصري النهضة ثم الأنوار.
وعليه، فإنَّ من يسعى لتحقيق مقدمات ونتائج مماثلة، لا بد له من أنْ يحقق لنفسه، وفي نفسه، مقدمات ونتائج حداثية مماثلة، فلا يمكن مواجهة حداثة أوروبا إلا بحداثة مماثلة في الطبيعة، ولكن معاكسة في الوجهة والإتجاه.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد