تمكّن السلطان عبد الحميد الثاني بمفرده من تثبيت إمبراطورية كبيرة بقي على سقوطها رمقٌ واحدٌ لمدة ثلاث وثلاثين عاماً غلب فيها ثوابُه خطأَهُ، وحقّق تجديدات كثيرة بالرغم من الصعوبات التي واجهها، وقد جعلناه على إمتداد سنوات طويلة أشبه ما يكون بخليطٍ من الألوان.فعندما طلب...
تمكّن السلطان عبد الحميد الثاني بمفرده من تثبيت إمبراطورية كبيرة بقي على سقوطها رمقٌ واحدٌ لمدة ثلاث وثلاثين عاماً غلب فيها ثوابُه خطأَهُ، وحقّق تجديدات كثيرة بالرغم من الصعوبات التي واجهها، وقد جعلناه على إمتداد سنوات طويلة أشبه ما يكون بخليطٍ من الألوان. فعندما طلب تيودور هرتزل من العثمانيين أرضاً لإقامة دولة لليهود في الشرق الأوسط، رفضوا طلبه وتأخر بذلك تأسيس إسرائيل لخمسين عاماً، فقام الصهيوني الغاضب بتلوينه مباشرة إنتقاماً منه ونعَتهُ بالسلطان الأحمر.
حتى نحن أنفسنا اتبعنا هذه الموضة!... فهو لم يقم بشنقِ قتلةِ عمّه عبد العزيز الذين حكمت المحكمة بإعدامهم واكتفى بنفيهم؛ وبالرغم من ذلك قلنا عنه "رجل مستبدّ وسلطان أحمر!".
وعندما أسَّسَ المجلس القومي الكبير للمرة الأولى في التاريخ العثماني، رأى أن المجلس ملأهُ الإنفصاليون السّاعون إلى تدمير الإمبراطورية العظيمة وأعداءُ الأتراك المتباهون أمام الناس بأنّ "وطنيّتهم تُعادل حجم وطنيّة البنك العثماني!"، حينها حلَّ المجلس للقيام بتنظيمه من جديد، وبدلاً من أن يساعد الجميع في إعادة تشكيله، أبدى بعضهم قلّة وصبرٍ وامتلأ الفضاء بصرخات "السلطان الأحمر"... ونحن أيضاً قلنا ذلك عنه.
ماذا بعد ذلك؟... لقد اتبعنا الموضة من جديد، ولكننا استيقظنا هذه المرة! فعندما ألّف الكاتب المشهور جون هاسليب كتاباً عن السلطان عبد الحميد أسماهُ "ظل الله"، قلنا لأنفسنا "ما الذي يحدث؟"، وبمشقّة خضنا غمار الأرشيف وتوصلنا إلى الحقيقة، وها نحن الآن قد حوّلنا الأحمر إلى رمادي بمشقّة.
هيا إلى الأيام البيضاء المقبلة!... - أيْ إلى السلطان الأبيض عبد الحميد!...