ولد ألجيرداس جوليان كريماس A J Greimas، رائد مدرسة باريس السيميائية، في مدينة تولا في ليتوانيا، إحدى دول الاتحاد السوفييتي السابق في التاسع من مارس 1917. وأتم دراسته الثانوية في هذه المدينة. وفي سنة 1934 سيرحل إلى فرنسا لمتابعة دراسته العليا، ولكنه سيستقر فيها وستصبح البلد الذي...
ولد ألجيرداس جوليان كريماس A J Greimas، رائد مدرسة باريس السيميائية، في مدينة تولا في ليتوانيا، إحدى دول الاتحاد السوفييتي السابق في التاسع من مارس 1917. وأتم دراسته الثانوية في هذه المدينة. وفي سنة 1934 سيرحل إلى فرنسا لمتابعة دراسته العليا، ولكنه سيستقر فيها وستصبح البلد الذي احتضنه واحتفى بكل تراثه العلمي. ففيها سيحصل على شهادة الدكتوراه سنة 1948. وبعدها بسنة، أي سنة 1949 سيسافر إلى مصر ويُعين أستاذاً للأدب الفرنسي في جامعة الإسكندرية. وهناك سيلتقي برولان بارث وستنشأ بينهما صداقة قوية ظلت حية إلى أن رحل بارث عن عالمنا سنة 1980، وكان من ثمار هذه الصداقة تأسيسهما مجلة «لغات» الشهيرة سنة 1966. وابتداءً من سنة 1962 سيعين أستاذاً في جامعة بواتيي. سنتين بعد ذلك سينتقل إلى باريس ليصبح رئيساً للقسم الرابع في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، وسيظل في هذا المنصب إلى أن وافته المنية في السابع والعشرين من فبراير سنة 1992. كانت بدايات كريماس العلمية في المعجميات عامة، وضمن حدودها المنهجية والتطبيقية كان موضوع رسالته التي حاول فيها تقديم وصف شامل لمعجم الموضة في القرن التاسع عشر (1). لقد كان مؤمناً حينها بإمكانية القيام بإحصاء دلالي استناداً إلى وحدات مستقلة تصف موضوعاً أو تُعد جزءاً من آلية للوصف تقود إلى الإمساك بجوهر دلالي ما للواقعة الموصوفة. ولكنه سرعان ما سيكتشف أن المعجميات محدودة ولا يمكن أن تقود إلى أي شيء، عدا تقديم وصف محدود للظاهر النصي لا يسعف على فهم حقيقي للوقائع، ذلك أن «الأمور في الحياة تتم في ما هو أبعد من العلامات المفردة» بتعبيره الخاص. لذلك سيتنكر لهذه الرسالة التي لن تنشر إلا بعد وفاته بسنوات عديدة (سنة 2000). وبعد هذا الفشل سيعود إلى اللسانيات، ولكن من باب السيميائيات هذه المرة، وسيسعى بقوة وجهد نادرين إلى بلورة رؤية خاصة للسيميائيات زاده الأساسي في ذلك هو التراث السوسيري (فاردناند دو سوسير) واجتهادات لويس يالمسليف، ومقترحات كلود ليفي شتراوس في دراسة الأسطورة. وسيؤسس استناداً إلى هذا التراث الضخم، رفقة مجموعة من طلبته وأتباعه في فرنسا وخارجها، «مدرسة باريس» الشهيرة التي ظلت معيناً خصباً لكل الباحثين في السيميائيات البنيوية على امتداد ثلاثة عقود، وقد ساهمت بقسطٍ كبيرٍ في مَدِّ الدارسين في ميدان السرديات بصور جديدة عن النصوص السردية وعن طرق بنائها، لتتجه، مع نهاية الثمانينات، إلى دراسة ما سيسميه كريماس «سيميائيات الأهواء»، وستصبح «الغيرة» و«الحسد» و«التحدي» و«البخل» و«الاستفزاز» و«الحب» وكل الطاقات الانفعالية المصنفة ثقافياً واجتماعياً خارج «العقل»، موضوعاً من موضوعات السيميائيات.