يتكون هذا الكتاب من ثلاثة أقسام، قسم كنت قد هيأته وقدمت به كتاب الإتجاهات السيميائية الحديثة الذي كان لي شرف ترجمته برفقة مجموعة من الزملاء الباحثين، وها أنذا اليوم أنشره، لكن مزيداً ومنقحاً؛ وقسم كنت قد نشرته على حلقتين في مجلة "دراسات أدبية ولسانية التي كنا قد...
يتكون هذا الكتاب من ثلاثة أقسام، قسم كنت قد هيأته وقدمت به كتاب الإتجاهات السيميائية الحديثة الذي كان لي شرف ترجمته برفقة مجموعة من الزملاء الباحثين، وها أنذا اليوم أنشره، لكن مزيداً ومنقحاً؛ وقسم كنت قد نشرته على حلقتين في مجلة "دراسات أدبية ولسانية التي كنا قد أصدرناها أنا ومجموعة من الزملاء الباحثين؛ وقسم ثالث ينشر لأول مرة، وهو عبارة عن نصوص اخترتها من التراث ووضعت لها تقديماً يؤطرها ويوضحها. هذه المكونات الثلاثة هي التي أضعها، اليوم، بين يدي القارئ ليعيد فيها النظر ولتحفزه على المضي قدماً في ما أنجزته، فأنا ممن يعتقدون بأن النص حالماً يتم نشره يستوجب من القارئ ألا يستهلكه، إذ تناط به مهمة القارئ النبيه الباحث والمتمثلة في شق طريق التجاوز والإضافة والبناء والتصحيح.
ونرمي في هذا الكتاب، أن نضع بين يدي القارئ معلومات كانت مبعثرة هنا وهناك تتناول نفس الطاهرة ونفس الحقل.
ومن الطبيعي أن أخضع هذا الجمع لنوع من الترتيب والتنظيم والتنسيق، وهذه الأمور لا تتأتى إلا بفضل زاد نظري بوظفه القائم بهذا العمل، وإذا كانت أقدم للقارئ ثمرة عمل وتفكير وربما مخططاً للبحث في المستقبل، فإنني لا أنوي.
بذلك، القيام بتأريخ للأفكار السيميائية عند العرب، كما لا أقصد إلى المفاضلة بين العرب وبين الغرب، وإنما أزيد أن أضع معرفة سابقة نظمتها بطريقة سليمة، متوخياً من ذلك الإشارة إلى أن البشرية قد أنتجت عدداً من المعارف لم تهيئ لنفسها سبل إيصاله إلى الخلف إيصالاً متصلاً ومتلاحقاً، وإنما حدث أن انقطع حبل التواصل المعرفي وبقيت المعرفة السابقة، وبحكم ظروف، محنطة ومجهولة، بينما ظهرت نفس تلك المعارف، ربما بتفاوتات في المضمون وفي الأهمية.
عند شعوب أخرى وفي مراحل تاريخية لاحقة، وهكذا يتضح أن تاريخ الأفكار لا يتميز بالضرورة بالإتصال بل قد يتميز بالإنقطاع.