-
/ عربي / USD
صار عليّ أن أرحل من هنا، سأقتل نفسي قبل أن يتمكنوا مني، ليس بعد الجنون حرام، جهزت حقيبتي منذ دقائق، لا وجهة لي لكني سأنتظر حتى يكون السواد كاملاً وأرحل، أفكر بأن آخذ عمي مبارك وأستعجله لأهزم قدري بالذهب، ليس عليّ سوى أن أترك باب هذه الشقة موارباً ليعرف الجيران في الغد بأن العجوز قد أصبح مجرد جثة نتنة، ثم أعود من حيث أتيت… قد أرجع إلى سرج الغول، لأني اشتقت لأخي عمار، وأزور غابة الموت حيث استعادتني الحياة وأجّلتْ موعد الخلاص، وأفكر أن أعود زبالاً كما كنت لو أتيح لي ذلك، عشت أسعد أيامي في القمامة، معترفاً بأني مجرد قذارة تعيش في مكانها المناسب، إني أعجز عن إتخاذ أي قرار.
خدمت هذا الجثمان خدمة جليلة، وللأسف لن يستطيع ردّ الجميل بإسداء أي نصيحة مهما كانت تافهة… اشتقت لخالتي، ماتت هي الأخرى وتركتني، كان وجودها يسد أبواب الجحيم كلها، أنا مقصر في زيارة قبور من أحبوني بلا حدود وكان عليهم أن يموتوا بسبب ذلك.
في خاطري أن أعود من حيث أتيت حقاً، بقية العقل التي هربت بها لأواجه جنون العالم من حولي نفدت ولم تعد غنيمة تستحق العناء، في ساحة ذلك المستشفى، سأعلن عن توبتي، وسيعرفون كيف يجعلونني بليدا ومحنطاً، لأكون سعيداً دائماً، وجب عليّ الإعتذار عن أن الحياة تستحق الهروب إليها، كانت مغامرة مغرية، ومع ذلك كان يجب عليّ ألا أكون بتلك الدرجة من الجنون لأخوضها مجدداً.
قفزت من فوق السور العالي، كادت أن تكسر رجلي، وخضت ما خضت في سبيل الخلاص من أولئك الشياطين الذين يرتدون مآزر بيضاء ناصعة، ولأستعيد اسمي، وقد فشلت في ذلك تماماً، أما الآن فأحنّ إليهم وأحب أن أعانقهم واحداً واحداً، وتتملكني رغبة في أن أستعين بهم مجدداً ليساعدوني على الإختفاء… ألا أكون أي أحد على الإطلاق حتى أنا… من أنا؟…
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد