لقد نهض العاملون على تأليف هذه الموسوعة بكتابة هذا التاريخ العام لأوروبا، بدءاً بعصور ما قبل التاريخ حتى أيامنا هذه، هدفهم من وراء ذلك الإسهام في تحقيق الوحدة الأوروبية، إذ أن للمؤرخين دوراً ضرورياً يقومون به في هذا البناء؛ لأن التاريخ لا يقبع في غياهب الماضي، بل هو يأخذ...
لقد نهض العاملون على تأليف هذه الموسوعة بكتابة هذا التاريخ العام لأوروبا، بدءاً بعصور ما قبل التاريخ حتى أيامنا هذه، هدفهم من وراء ذلك الإسهام في تحقيق الوحدة الأوروبية، إذ أن للمؤرخين دوراً ضرورياً يقومون به في هذا البناء؛ لأن التاريخ لا يقبع في غياهب الماضي، بل هو يأخذ أصوله ومنطلقاته من الإنسان، يتعقبه في مصائره حتى يصل معه إلى الحاضر الذي يشارك في تفسيره ويجهد لاستخلاص رؤى مستقبلية. وقد سعى المؤلفون من خلال هذه الموسعة للتوجه إلى كل الأوروبيين وذلك لرغبتهم في إعطاء تصويب واضح وحي للنتائج التي توصل إليها المؤرخون، وتسجيل ذلك في كتاب، كما أن غايتهم تمحورت في البحث، في كل عصر من عصور التاريخ عما تعنيه أوروبا للمعاصرين وما كانت عليه. ويقومون انطلاقاً من هنا، بعمل استكشافي وعلمي متخذين موقفاً من تلك المسائل المتناقضة ومحاولين إبراز الإرث المتواتر الذي تكونت منه أوروبا خلال العصور، ما اندثر منه وما لا يزال قائماً وما من شأنه أن يسمح بتكوين نظرة شاملة عن أوروبا الستقبل، مثيرين الروح الأوروبية، عارضين لظروفها الموحدة ولخصائصها.
وقد استدعى هذا الهدف تصميماً تاريخياً منطلقاً منذ فجر التاريخ، متبعاً سير الأزمنة بحثاً عن أوروبا لذا فقد تم توجيه تاريخ أوروبا هذا في اتجاهات ثلاثة: القيمة المعطاة للعنصر الإنساني، القيمة المعطاة للزمن، ثم القيمة المعطاة للصفة الكلية. فيما يخص العنصر الإنساني بحثت الموسوعة في القيمة الخاصة بالفرد وبمبادرته وبحرية العمل وبحسه النقدي وبمسؤوليته الشخصية. أما بالنسبة للقيمة المعطاة للزمن فقد أدى ذلك إلى طرح مسائل إيقاع الوجود والتقويم وقيمة الساعة وفترات الجهد والتفكير والتعة، وأوصلت هذه الاعتبارات إلى مفهوم الوجود وقدرة الإنسان، إلى قيمة نشاطه ودوامه، إلى أهمية فاعليته، إلى موقفه من الحياة والولادة والزواج والموت. أما فيما يخص معنى الصحة الكلية، فقد عمل مؤلفو هذه الموسوعة على تحديد المسافة والمساحة وتحليلهما، وكذلك عنصر الأرض في المؤسسات الجماعية المجتمعية.
وقد قسم العمل في هذه الموسوعة إلى ثلاث مجلدات. يعالج الأول أوروبا ما قبل التاريخ حتى بداية القرن الرابع عشر. ويؤرخ المجلد الثاني لأوروبا منذ القرن السابع عشر حتى نهاية القرن الثامن عشر. أما المجلد الثالث فيتحدث عن أوروبا منذ بداية الثورة الفرنسية حتى أيامنا. حيث ألحق هذا المجلد بخلاصة وبعرض للمؤسسات الحالية لأوروبا، وباستخلاص مُثلُ الثوابت والتطلعات الأوروبية.