تتميز المشكلات الزراعية بتعقدها، ولا تقل عنها تعقداً إرتباطاتها بعدد من المعطيات الإقتصادية والمالية والتكنيكية والسكانية، وهل يمكن أن يكون بمثل تواضع كتابنا، هذا الكتاب الذي عليه أن يتعرض بالضرورة لمشكلات بمثل ذلك التنوع؟؛ فما هو، بداية، السوق الزراعي؟، وما هي خصائصه التقنية؟.
كيف تتنظّم المبادلات الدولية للمنتجات الزراعية الأساسية؟ ولماذا تعاني هذه المبادلات، وفي كثير من الحالات، ومن الإختلالات؟ وبأيٍّ من الإجراءات وعبرِ أيٍّ من المؤسسات تقدم الجهات السياسية والمهنية على التدخل يومياً لمعالجة تلك الإختلالات؟ وبأيٍّ طرق يتم تنظيم الأسواق الزراعية الأساسية ولا سيما الفرنسية منها؟ وأخيراً كيف تندرج هذه التدابير في سياق السياسة الزراعية؟ وما هو تأثير وضع الأسواق على دخل المزارعين؟.

أولاً، يستحسن التخلي عن الجهد القائم لتنظيم الأسواق الزراعية والتحول نحو طرق أخرى لحماية هذا الدخل سيما وقد برز أن هذا الجهد مكلف جداً وأن آثاره لم تأت متوازنة في توزعها؛ ألا يتعارض دعم الأسواق الزراعية مع عملية تحديث البُنى وهي عملية لا تنفصل في المدى المنظور عن المنطق الذي يهدف لرفع دخل المزارعين من جهة ولتخفيض المساعادت التي تلحظها موازنة الدولة للقطاع الزراعي؟.

تبين هذه الصفحات القليلة أن لا أجوبة مطلقة على هذه الأسئلة، كما وتبينّ أن البلدان المتطوّرة كافة مضطرة بإستمرار لتعديل برامجها وإجراءات تدخلها في الأسواق.