-
/ عربي / USD
إن تاريخ البيبليوغرافيا - أو الفهرسة - لم يُدَوّن بعد، إلاّ لماماً، وهذا يعني أنه إذا ما عُرف حجم ونوع فهارس الكتب، التي تتابعت عبر القرون، فلم نعرف بعد جيداً الأسباب أو الظروف التي أوجدت هذه الفهارس أو أحاطت بإنشائها.
ومن البديهيّ أن يكون المفهرسون الأولون قد عملوا تلقائياً وفي عزلة، فأوجدوا الفهرسة دون أن يعلموا، لكنهم تأثروا بالحوادث، وأرغمتهم على ذلك بعض الضرورات، والحال أننا نجهل كل شيء تقريباً عن شخصياتهم، كما نجهل الشروط التي حددت نشاطهم.
وهناك مقال من 84 عموداً، في الأنسيكلوبيديا الكبرى مؤرخ عام 1885، ذكر عدداً كبيراً من الفهارس المأخوذة مباشرة من مؤلفيها ومن عصرها كأثمار فُصلت عن شجرتها، غير أن الخطوط الكبرى الموجهة للأفكار والنظريات البيبليوغرافية، لا تُستخلص بوضوح من هذه الدراسة الموسوعية.
وقد أوضح ش. ف. لا تغلوا هذه الخطوط، ولكن في ما يتعلق بالفهرسة التاريخية فقط، في كتابه الكلاسيكي الموجز (1900- 1904)، أما ت. بسترمان فقد لخص ما يتعلق بالقرن الخامس عشر، والسادس عشر، والسابع عشر في كتيّبه "بدايات الفهرسة المنهجية" (1950)، الغني بالملاحظات المبتكرة، وفي وقت لاحق وضع ل. هـ. ليندر (1959) ور. بلوم (1959) عرضاً شاملاً لتاريخ الفهارس الوطنية العامة. إلا أنه ليس هناك أي تاريخ للآداب أو العلوم عالج عمل المفهرسين بشيء يقرب من النقد، وخصوصاً في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
إذاً، من الضروري القيام بدراسة تتعلق بشرح حصيلة الأعمال في حقل الفهرسة، ومن القرن الخامس عشر حتى أيامنا، وإذا سير بهذا العمل وفقاً للمنهج المطبق في علم الآثار وفي التاريخ، فإنه سيكون طويلاً ودقيقاً، كما يكون مؤثراً وكاشفاً، ولكنه سيخرج كثيراً عن إطار هذه المجموعة، أما ما يمكن أن تكون أهداف دراسة علمية شاملة فهي: إقامة صلات بين نشاط المفهرسين في مختلف العصور وبين حاجات البحثّ الفكري، ثم تحديد العلاقات، بالنسبة إلى كل عصر، بين العوامل التاريخية والإقتصادية أو غيرها وبين إنتاج الفهارس، وأخيراً تمييز التيارات المؤثرة بين أمة وأخرى.
إلا أننا سنقصتر [في كتابنا هذا] على مخطط، نأمل أن تبرز منه الملامح الرئيسية لمفهرسي كل قرن، والدوافع التي أدت بهم إلى إعتناق علم الفهرسة في الوقت نفسه؛ ومن الممكن أن تغنم البيبليوغرافيا، من ذلك، بروزها بمظهر جديد يكون أقل جموداً من المظهر المألوف.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد