-
/ عربي / USD
نحاول، في هذا الكتاب، أن نُعيد بعضاً من الإعتبار إلى منظومةٍ مفاهيم الفلسفة السياسيّة، قديمها والحديث، أَنَيْنا هذا المُبتغى من طريقيْن: من طريق بيانِ مرجعيّة تلك المفاهيم بالنسبة إلى أي تفكيرٍ يخوض في مسائل السياسة والدولة والسلطة؛ ومن طريق التشديد على أنّ مفاهيم السياسة، التي يشتغل بها علماءُ السياسة والإجتماع السياسيّ والقانون والأنثروبولوجيا السياسيّة، اليوم، هي – في المقام الأوّل – مفاهيم فلسفيّة، داعين مستعمليها إلى العودة إلى المظانّ، إلى أصولها الفلسفيّة، كي يتبيّنوها على التحقيق، وكي يخرُج الدرسُ العلميّ للسياسة – في نطاق علوم الإجتماع والسياسة – من منطقة الإستبداه والإلتباس (= استبدّاهُ ما ليس مستبدَهاً والإلتباسُ المتولِّد من الإنقطاع عن الأصول النظريّة) إلى حيث يَعي دلالات عُدّةٍ الإشتغال المفهوميّة المستخدَمة.
لكنّنا دافعنا، في الوقتِ عينِه، عن وجوب إنفتاح الفلاسفة على علوم المجتمع والإنسان من أجل إعادة إعمار ميدان التفكير الفلسفيّ، والعمل بقاعدة الجمْع بين التخصّصات (Interdisciplinarité)؛ هُم وعلماءُ السياسة والإجتماع سواء.
حاولنا في الكتاب، أيضاً، الدفاع عن الحاجة إلى الدولة في وجه مَن يُزِري بها وبأدواتها في تنمية الإجتماع الإنسانيّ، مبيِّنين كيف تَهَجَّس الفلاسفةُ بها، عبر التاريخ، وكيف كان استيعاؤُهم للحاجة إليها شديداً تَطْفح به نصوصُهم.
وإذا كان لا بدَّ من تبرير مثل هذا الدفاع، فلا شيء يُلقي ضوءاً على هذه اللاّبُدِّيّة من اللحظات الحرجة، في التاريخ الإنسانيّ، التي تغيب فيها الدولةُ أو تضمحلّ قواها: لحظات الفتن والفوضى والحروب الأهليّة.
إنّ هذه وحدها تكفي لتُطلِعنا على حقيقة الحقائق؛ وهي أنّ الدولةَ أعظمُ إختراعٍ إنسانيٍّ في التاريخ وهو إختراعٌ لم يتوقّف عند لحظة الإنشاء، بل استمرّ في شكلٍ ترويضٍ للدولة وأنْسَنَةٍ لها وتحسينٍ لأدوارها وصولاً إلى الشعور بالرضا عن كيانيّتها.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد