شارك هذا الكتاب
صدام العصبيات
الكاتب: فردريك معتوق
(0.00)
الوصف
ما زال ابن خلدون حتى يومنا هذا، أفضل من فهم العصبية وشرحها؛ هذا المفهوم العربي الأصيل، المستعصي على الترجمة، فالعصبية شكل من أشكال المعرفة الإنسانية يقوم على ربط الأفراد نفسي - إجتماعياً بوحدات إجتماعية كبرى ومغلقة، مثل القبيلة والعشيرة سابقاً، اللتين يضاف إليهما اليوم...
ما زال ابن خلدون حتى يومنا هذا، أفضل من فهم العصبية وشرحها؛ هذا المفهوم العربي الأصيل، المستعصي على الترجمة، فالعصبية شكل من أشكال المعرفة الإنسانية يقوم على ربط الأفراد نفسي - إجتماعياً بوحدات إجتماعية كبرى ومغلقة، مثل القبيلة والعشيرة سابقاً، اللتين يضاف إليهما اليوم العائلة السياسية والحزب السياسي العصبي والطائفة الدينية العصبية.
من هنا العصبية، ليست جسماً ساكناً؛ بل جسم حيّ من المفاهيم والإيعازات المعتمدة تعبر من خلالها الأفكار والمسالك الآتية من الخارج، حيث تُقْبَل أو تُرفَضْ، ويتم التعامل معها بعد ذلك طبعاً لقواعده ومصلحة العصبة.

وعليه، فهي شبكة قراءة وجهاز تحليل على حدٍّ سواء، الأمر الذي يمنحها موقعاً معرفياً مفصلياً في البنية التقليدية، حيث تقف عند خطوط تماس الماضي مع الحاضر، وتتحكم، لذلك، بأفضلية التأثير في المستقبل.

وعليه، فإن ما يحصل اليوم هو أن العصبية تسرح وتمرح على إمتداد الرقعة الجغرافية العربية، معتمدة على موقفين مكملين أحدهما للآخر: يقوم الموقف الأول على عدم المساس بالعصبية، بإعتبارها مسألة تتعلق بالشأن الديني والمذهبي حيث أن، نظراً لشرعية الإنتماء الديني في الدساتير، ونظراً لشرعية الإنتماء المذهبي في الأعراض الإجتماعية يضحي من المستحب، كن مفهوم العصبية في مرآب اللامفكرفيه حيث لا يسائله أحد.

وفي ظل عدم المناقشة الفكرية هذه، المعتمدة كسلوك رسمي، تغدو "إثارة النعرة الطائفية" شأناً يحاسب عليه القانون، على الرغم من طائفية الدستور في البلدان العربية والشرق أوسطية كلها، التي ترى أن ذكر دين الدولة جزء لا يتجزأ من كيانها السياسي العام، ويتجاهل بعدها الجميع المفارقة، معتبرين أنه نظراً لوجود الدين في القانون الأساسي للدولة، فعصبيتهم تبدو متاحة ومقبولة، لكنهم ينسون هنا أن الدولة التي يعتمدونها - مهما كانت تسميتها - هي دولة للملك، كما يسميها ابن خلدون، أي دولة للعصبية.

أما الموقف الثاني على إحالة العصبية إلى النقطة العمياء (Blind Spot)، التي تجعل الإنسان يرمي في لاوعيه على نحوٍ غير مقصود، الشؤون التي يُحرم من التطرق إليها، حيث تنتشر في أوساط عدد لا بأس به من المثقفين العرب فكرة مفادها أن مفهوم العصبية مفهوم تخطّاه الزمن ولا يصح لتوصيف الظاهرات السياسية العربية المعاصرة.

لذلك، فهم يستخفون بالمفهوم الذي غداء، في نظرهم، بمثابة مفهوم يأكل، وهم يتعاملون مع تجليات الميدانية من منطلق سياسي إقتصادي متجاهلين منطلقه السوسيو - معرفي يؤدي ذلك كله، في نهاية المطاف، بالإستبعاد أو الإستخفاف، إلى عجز في تفسير ما يجري على أرض الواقع، حيث إنه، تماماً كما أن توفّر إيديولوجيات التخاصم النضالي - قد سمح بنشوب حروب أهلية في الغرب، إبان القرنين الماضيين؛ فإن توفر عصبيات التخاصم النضالي هو الذي سمح بديمومة الحروب الأهلية في البلدان العربية المعاصرة.... علماً أن العصبيات أقوى وأفتك بكثير من الإيديولوجيات...

ضمن هذه المقاربات يأتي هذا البحث الذي لا يرمي الباحث منه إستنهاض العصبية او تجاهل وجودها، هل هو يطمح في بحثه هذا تناول مفهوماً يراه أساسياً في الثقافة العربية، الماضية والحاضرة، في بابه المعرفي الراهن، وتحديداً من إرتباطه بالبُنى الإجتماعية وأشكال وعيها التاريخي، ضمن مقاربة سوسيو - معرفية.

وما دفعه إلى دراسة هذا المفهوم في تجلياته الميدانية المتنوعة، معايشته الطويلة من حوله، وصعوبة الإبتعاد عن تأثيراته لدى الجميع، بفعل الأعراق الإجتماعية الموروثة والطاغية بصمت على السلوك اليومي، بحيث، كان كثير التساؤل عن طبيعة مكونات العصبية، خصوصاً غير المقارنة بين مجتمعاتنا والمجتمعات الغربية المعاصرة.

وعليه، سيحاول في بحثه هذا توضيح معالم هذه العلاقة الدفينة القائمة بين الموروث المعرفي وأنماط الممارسة الثقافية الراهنة، وكان لا بد له في هذا المسعى من مواجهة التقليد والأحكام والأفكار المسبقة التي يرسو عليها ويعتاش منها.

من هنا، يبين الباحث بأن العصبية تقع ضمن دائرة التقليد الكبرى في مثلث معرفي يقوم على ركائز ثلاث: التراث الفكري والثقافي، والسلطة السياسية التقليدية والمعتقد الديني والمذهبي الشعبي، وبالإمكان تزويد القارئ بمنهجية هذا البحث تم تقسيم معالجة موضوع العصبية، إلى قسمين: الأول منهما اهتم بتسليط الضوء على مفهوم العصبية مستنداً في ذلك على عالم الإجتماع ابن خلدون وسواه.

أما القسم الثاني فقد دار البحث فيه حول التجليات الميدانية للعصبية وشمل حديثاً حول ميشال سوار والعصبية الحضرية، وحول أرابسك العصبية اللبنانية، وبين في الخلاصة ضرورة محو العصبية قبل محو الأمية، هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب هو التاسع في سلسلة إجتماعيات عربية.

التفاصيل

 

الترقيم الدولي: 9786144281437
سنة النشر: 2018
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 206
عدد الأجزاء: 1

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين