يستكمل هذا الكتاب مشروعاً بحثياً للمؤلف هو مرتكزات السيطرة الغربية والشرقية، لماذا يُسيطر الغرب بهذه القوة على العالم منذ خمسة قرون وحتى اليوم؟ وما هي مرتكزات السيطرة الغربية؟...للإجابة عن ذلك، أعتمد المؤلف منظوراً سوسيو - معرفياً، يتابع في طرائق التفكير والتخطيط...
يستكمل هذا الكتاب مشروعاً بحثياً للمؤلف هو مرتكزات السيطرة الغربية والشرقية، لماذا يُسيطر الغرب بهذه القوة على العالم منذ خمسة قرون وحتى اليوم؟ وما هي مرتكزات السيطرة الغربية؟...
للإجابة عن ذلك، أعتمد المؤلف منظوراً سوسيو - معرفياً، يتابع في طرائق التفكير والتخطيط والتنفيذ، أي في المرتكزات الذهنيّة، مكامن قوّة الغرب؛ ووضع لذلك، مفهوماً جديداً ساعده كثيراً في فهم الديناميّات الكامنة في المشروع الغربي، هو مفهوم المحرّكات الذهنيّة (mental impulses) التي حصرها بخمسة: الهيمنة والمعرفة والربح البوليميك والتنظيم؛ كما عالج المؤلف موضوع السيطرة في مجاله الشرقي، في الحضارات القديمة، أي مرتكزات السيطرة الشرقية.
وفي هذا العمل أسقط عمداً البوليميك بإعتباره محرّكاً ذهنياً خاصاً بالتجربة الغربية، واستبدله بمحرّك الدين، الأكثر ملاءمة للموضوع في شقّه الجديد، لكن النتيجة كانت في الشق الثاني أنه اقتصر على التاريخ الماضي ولم يلامس الأزمنة المعاصرة، علاوة على أنّ التحليل بيَّن أنّ تجارب السيطرة القديمة كلها، عند الفراعنة والصينيين والهنود والعرب والعثمانيين، جاءت مبتورة، إذ أنّها عمدت على تفعيل محرّكين أو ثلاثة على أبعد تقدير، فتعثَّر المشروع لعدم بلوغ مرحلة الإمتياز التي بلغتها الحضارة الغربية.
إستكمالاً لهذا المشروع، يتوجه المؤلف في هذا الكتاب إلى الحاضر، من بابه الآسيوي، حيث نقل حقل تحليله إلى أربعة بلدان تحديداً، هي اليابان وكوريا وسنغافورة والصين، لينقل السؤال الأوّل، مقلوباً إلى الشرق المعاصر، في ما يشبه الجزء الثالث من مرتكزات السيطرة، آسيويّاً، على النحو الآتي: لماذا يسيطر المارد الآسيوي حالياً على الإقتصاد العالمي؟…
للإجابة عن هذا السؤال إستخدم المؤلف المفهوم العملاني نفسه الذي لجأ إليه سابقاً، محاولاً من خلاله فهم المكامن الذهنيّة في التفوّق الإقتصادي الآسيوي، فتبيَّن له أنّ وقود المحرّكات الذهنية الآسيويّة مستمدّ من الإرث الكونفوشي، المُعاد تأهيله في ضوء مقتضيات الحاضر، وعلى قاعدة العقلانية المَرنة.
إذ أضحى المشهد العام أكثر وضوحاً، وتأكَّد له أنّ عمليّات التأخّر والتقدّم في التجارب العالميّة كلَّها تعود إلى إستعدادات ذهنيّة - موجودة أصلاً عند الجميع - يتمّ تفعيلها في بلدان أو أقاليم معيَّنة، أو شلّها في بلدان أو مناطق أخرى من العالم.
أما مَن يفعِّل ومن لا يفعَل؟ ومن له مصلحة في التفعيل أو في عدمه؟ وإلام يستند في عملية التفعيل أو التعطيل الذهني هذه؟ فكلّها مسائل تخضع للدرس والتحليل قبل الإجابة.