إن إريك فروم هو مفكر إنساني يهمه كثيراً أن يعرف ويمارس معرفته بلون من الجرأة الفلسفية، إنه فيلسوف يترك إنطباعاً لدى قارئه بأنه ممثل لنداء الحياة التي احتلها منطق الخوف والزيف والموت!.تقوم فلسفته على التلاقي بين التشخيص وسبل علاج الحالة المشخصة على المستوى النفسي -...
إن إريك فروم هو مفكر إنساني يهمه كثيراً أن يعرف ويمارس معرفته بلون من الجرأة الفلسفية، إنه فيلسوف يترك إنطباعاً لدى قارئه بأنه ممثل لنداء الحياة التي احتلها منطق الخوف والزيف والموت!. تقوم فلسفته على التلاقي بين التشخيص وسبل علاج الحالة المشخصة على المستوى النفسي - الإجتماعي من جانب، وعلى المستوى الحضاري من جانب آخر، فالفرد والمجتمع إنعكاس فعلي لطراز حضاري معين، وإنطلاقاً من ذلك، نجد الكتاب، الذي بين أيدينا، موزعاً وفق آلية التشخيص وآلية العلاج وكأننا أمام فيلسوف لا ينحصر دوره في تشخيص أو وصف الظواهر المرضية فحسب، بل يتعداها لطرح العلاج المناسب لمنظومته الفلسفية والإنسانية.
فالكتاب يدور على أقسام ثلاثة، القسم الأول يتناول طبيعة المساهمة الفرويدية والماركسية في إرساء منهج فروم التحليلي النفسي الإجتماعي… وكيفية علاقته بالتحليل النفسي الفرويدي والتحليل الإجتماعي الماركسي ونقاط الإلتقاء والإختلاف بينهما… ويتناول القسم الثاني إشكالية الإغتراب التي انبثقت مع بزوغ الحداثة وإنهيار الحريات الحقيقية وسيطرة أصنام جديدة أثقلت كاهل الفرد الغربي المتوهم بأنه كان مستقل في وجوده وطريقة عيشه ورؤيته للعالم والكون… أما القسم الثالث فتناول النزعة الإنسانية في النظرية النقدية الفرومية، وكيفية الخلاص من نزعات التسلط الدينية والأخلاقية والسياسية بعد تشخيصها.
فالغاية التي يروم تحقيقها الكتاب تكاد تكون متمحورة حول إنصاف إريك فروم من كل تهميش كان قد تعرّض له… فإنصاف فروم برأينا يتم من خلال إبراز حقيقة مهمة لطالما لم تتعرض لها الدراسات التي تناولته، وهي أنه يمتلك نظرية نقدية فلسفية - إجتماعية لا تقل شيئاً أو أهمية عن أقرانه، والتي تبنت خطاب نقدي يفضح أغلب الأنظمة الشمولية الرأسمالية والإشتراكية وزيفها مع محاولة طرح البدائل الجديدة الملائمة للمرحلة.