"الباب" كم مرة في اليوم لفظنا هذه الكلمة وكم مرة في اليوم عبرنا باباً؟ هل نعلم، حقاً، ما هو الباب وإلى أين يُفضي بنا؟ الباب وصلٌ وفصلٌ بين داخل وخارج، وهو مأتي شعور براحة الوجود أو بالخطر. هو سلوك ومخيالٌ وطقوس وحدودٌ وإجراءات عبور. فنحن نفتح ونغلق الباب من خلال ثقافتنا ورؤيتنا للكون. كما أن لكل ثقافة قصة أبوابها في تقاليدها وفي إبداعاتها ...
في هذا الكتاب الواسع المعرفة، حيث ينافسُ البحث الميداني وروحُ الدعاية لمؤلفه ما تقوله الكتب، يبرع باسكال ديبي في الموازاة بين الكتابة والتاريخ والإثنولوجيا ليبيّن أننا لا نستطيع تجنّب الأبواب والمعابر والعتبات بقدر ما لا نستطيع سماع ما تقوله لنا في حياتنا اليومية. هذا الكتاب يغيّر النظرة إلى مفهوم الباب كما تغيّر الكتب الجيدة النظرة إلى الظواهر والأشياء.
هذا الكتاب يوجهه باسكال ديبي إلى الجميع، إلى الذين يحملون المفاتيح، الذين يسترقون السمع عند الأبواب ويطرقون عليها، إلى جميع الفضوليين المنحنين على ثقوب الأقفال، إلى قلوب العاشقين الخافقة، إلى مقتحمي البواب المفتوحة، إلى المراهقين الغاضبين، وإلى المطرودين خارج الأبواب، إلى كل عبارات "تفضل!"، إلى عبارات "من بعدك"، إلى عبارات "أنت ممنوع"، إلى معاناة طالبي العمل، إلى معاناة الأجانب الذين ينتظرون العودة إلى بلادهم، إلى البؤساء المساجين، إلى تعاسة من يقفون بالطابور أمام شبابيك التذاكر المغلقة، إلى كل أولئك الذين كفوا عن فتح أبوابهم، إلى الكرماء الذين يبقونها مفتوحة على مصراعيها، إلى كل تلك الأبواب التي اجتزنا عتباتها، إلى كل تلك التي تنتظرنا، إلى هؤلاء جميعاً هذا الكتاب.