يروي لنا هذا الكتاب قصّة جريدة لن ترى النور أبداً، لأنّ ناشرها أرادها منذ البداية أن تكون أداة إبتزاز أكثر من ان تكون أداة إعلام، وبذريعة البحث عن الحقيقة، دُعي خمسة أفراد لهم جَميعاً تجارب سابقةٌ مختلفةٌ وفاشلةٌ إلى تكوين هيئة تحريرٍ، مهمّتها الظاهرة هي كشف الحقيقة للرأي...
يروي لنا هذا الكتاب قصّة جريدة لن ترى النور أبداً، لأنّ ناشرها أرادها منذ البداية أن تكون أداة إبتزاز أكثر من ان تكون أداة إعلام، وبذريعة البحث عن الحقيقة، دُعي خمسة أفراد لهم جَميعاً تجارب سابقةٌ مختلفةٌ وفاشلةٌ إلى تكوين هيئة تحريرٍ، مهمّتها الظاهرة هي كشف الحقيقة للرأي العامّ وللقارئ.
نقطة الإنطلاق هي سنة 1992، ومن خلال الإجتماعات الدورية لأعضاء هيئة التحرير ونقاشاتهم وبرامج عملهم لإعداد العدد صفر من الجريدة تنكشف أسرار العمل الصحفي الخفيّة وأساليبه المربية الرامية إلى التأثير في الرأي العامّ وتوجيهه إلى ما يخدم مصالح بعض الجهات.
هذا معروفٌ وليس هو بالجديد، ما يلفت إنتباهنا في هذه الرواية الجديدة لإيكوهو تشابك الحاضر بالماضي، فإذا بالكتاب يسرد لنا تاريخ إيطاليا في العقود الأخيرة من القرن المنصرم، ملوّناً إيّاها يشبح موسوليني زائفٍ يعود لتسلّم السلطة مرّةً أخرى ولكنه يموت فجأةً ويخفق الإنقلاب على الدولة.
مؤامرةٌ ربما تكون قد نشأت في مخيّلة "برغادوتشيو" المحرّر الذي هو أكثر هوساً من غيره بفكرة المؤامرة الكونية التي تشترك فيها أطرافٌ سياسيّةٌ، والفاتيكان، والإستخبارات المركزية الأمريكية، والماسونية، وبعض الأوساط المالية، وكان ظنّ الجميع أنّ كل ذلك من مبتكرات عقل "برغادوتشيو" المريض، ولكن عندما عُثر عليه مقتولاً صار كلّ شيءٍ حقيقةً.
رواية إيكو متاهةٌ جديدةٌ مخيفةٌ أكثر من سابقاتها لأنّها تجعلنا نتساءل: هل نحن أيضاً، في كلّ يوم، ضحيّة أيد تعمل في الخفاء من خلال الصحف وقنوات التلفاز وتحرّكنا مثل الدمى، وإذا برغبتنا في معرفة الحقيقة تتحوّل إلى خوفٍ من إكتشاف الحقيقة.
روايةٌ مشوّقةٌ تركها لنا إيكو قبل رحيله في 19 من فبراير عام 2016، ليشعرنا بضرورة عدم التسليم بما يُحكى لنا وبالتحاكم دائماً إلى العقل في كلّ الأحوال.