يقدم الكتاب سرداً مفصلاً لأعلام الفكر اللغوي في التقليد الغربي وجهودهم اللغوية بدءاً بسقراط وانتهاءً بسوسير. ويعد هذا الكتاب ذا فائدة عظيمة للدارسين في عدد كبير من حقول المعرفة كفقه اللغة والدراسات الأدبية والتاريخية والفلسفية، ويبين الكتاب كيف أن بعض الأفكار المؤثرة...
يقدم الكتاب سرداً مفصلاً لأعلام الفكر اللغوي في التقليد الغربي وجهودهم اللغوية بدءاً بسقراط وانتهاءً بسوسير. ويعد هذا الكتاب ذا فائدة عظيمة للدارسين في عدد كبير من حقول المعرفة كفقه اللغة والدراسات الأدبية والتاريخية والفلسفية، ويبين الكتاب كيف أن بعض الأفكار المؤثرة بقيت واستمرت ونشطت وتطورت ضمن الإطار العام للبحث اللغوي الذي بقي متماسكاً منذ عهد الإغريق والرومان إلى بداية القرن العشرين. وقد اختار المؤلفان أن يركزا على عدد من أعلام الفكر وعلى عدد معين من النصوص ومناقشة دلالاتها بالتفصيل بدلاً من ذكر جميع المفكرين في سرد تاريخي مطول، أملاً في تحقيق الغرض الأسمى من التعليم ألا وهو التأكيد على دور اللغة في المجتمع الإنساني والفكر الإنساني. ويطرح الكتاب على بساط الدراسة والبحث-من خلال فصوله الأربعة عشر-مسائل مهمة في علم اللغة وفي الفكر اللغوي. ويبدأ الفصل الأول في هذا السفر بمناظرات سقراط التي دونها تلميذه أفلاطون في كتابه "كراتيليس" وهي بمثابة "أقدم سجل للمناظرة المستفيضة في المسائل اللغوية التي استمرت في الأدبيات اللغوية في الغرب". بعد ذلك يتطرق المؤلفان في الفصل الثاني إلى آراء أرسطو في الاستعارة وموقفه من اللغة وتحليله لوظيفة اللغة وهي ما يعرف اليوم بالمنطق. ويكرس الكاتبان الفصل الثالث لدراسة تأثير الإنجيل في علم اللغة في الغرب. ويقدم الفصل الرابع فارو وآراؤه في الانتظام والقياس والشذوذ في اللغة حيث يناقش فارو مسألتي التنوع والتوافق في استعمال اللغة وحرية الفرد وتوافقه مع الجماعة والتزامه بضوابط الاستعمال المألوف للغة. ويختص الفصل الخامس بعرض مفصل لكتاب كونتليان "إعداد الخطيب" الذي يعطي صياغة واضحة ودقيقة لبرنامج تدريب الخطيب وإعداده في فنون اللغة ومهاراتها. ويلقي الفصل السادس الضوء على إسهامات توماس أيرفورت في النحو. وهو من مدرسة النحو التأملي التي ازدهرت في مراكز العلم في شمال أوروبا بعد أواخر القرن الثالث عشر الميلادي. وتحاول هذه المدرسة تقديم تفسير منطقي للطريقة التي تعمل بها اللغو التي تعد-حسبما يراها علماء اللغة في هذه المدرسة-مرآة تعكس العالم في العقل البشري ويعد النحو جزءاً لا يتجزأ من النظام الكوني كما خلقه الله تعالى. ويعالج الفصل السابع موضوع ظهور اللهجات في إنجلترا وظهور اللغات الأوروبية المحلية خلال العصور الوسطى وقد أصبحت لغات رسمية وحلت محل اللغتين الإغريقية واللاتينية في الدول الأوروبية مثل إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال وهولندا.
ويتطرق الفصل الثامن إلى مدرسة بورت رويال في النحو متمثلة في جهود اثنين من علمائها اللامعين وهما أنطوان أرنولد وكلود لانسلوت وكتابهما "النحو العام والنحو المنطقي". ويناقش الفصل التاسع آراء لوك في اللغة ضمن نظريته في المعرفة وكتابه "المقالة". ويرى لوك أن اللغة ليست الوسيلة الوحيدة لنقل المعرفة وحسب، بل هي تمثل عقبة خطيرة في طريق اكتساب المعرفة ونموها. واللغة عند لوك هي الرافد الأكبر التي من خلالها يحصل تناقل الأفكار. ويعرض الفصل العاشر آراء كوندياك في أصل اللغة والفكر. ويعد كتاب كوندياك بمثابة ملحق لكتاب لوك "المقالة" وحاول كوندياك أن يبين طبيعة اللغة وأصلها وتطورها والاستخدام الأمثل لها في التفكير والعلاقة المتبادلة بينها وبين العقل. ونجد في الفصل الحادي عشر عرضاً مفصلاً لكتابات حون هورن توك التي احتلت موقعاً مهماً في تاريخ الفكر الغربي في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر.
وينقلنا الفصل الثاني عشر إلى القرن التاسع عشر وغلى آراء همبولت في التنوع اللغوي والفكري ويعرض كتابه "آراء في اللغو: التنوع في بنية لغة البشر واثره في النمو الذهني للبشرية". والكتاب واحد من النصوص المهمة جداً في تأريخ الفكر اللغوي الأوروبي لكونه يختصر فترة التحول بين التوجه الفلسفي في الدراسة اللغوية في القرنين السابع عشر والثامن عشر والاهتمام المتزايد بعلم مستقل لدراسة اللغو. وتأتي آراء ميلر في نشوء اللغة في الفصل الثالث عشر حيث تناقش تلك الآراء التي وردت في كتابه "محاضرات في علم اللغة" وقد انصبت جهوده على تثبيت دعائم علم اللغة الذي يجب أن يعامل معاملة العلم القائم بذاته. ويعرض الفصل الرابع عشر والأخير جهود سوسير وآراءه في اللغة والفكر. وتؤكد نظرية سوسير أن اللغة هي الأداة التي تمكن البشر من تحقيق فهم منطقي للعالم الذي يعيشون فيه، ويرى سوسير أن فهمنا للحقيقة إنما يعتمد أساساً على استعمالنا للإشارات اللفظية التي تشكل اللغة التي نتكلمها.