يتناول هذا الكتاب وهو الجزء الثالث من موسوعة أعلام الفكر اللغوي-التقليد اللغوي الرئيس في الشرق الأوسط المتمثل في علم اللغة العربية. ويحرص الكتاب على أن يقدم إلى القارئ الكريم المسائل والموضوعات الرئيسة التي أثرت في مسار تطور التقليد اللغوي العربي. ويتضمن كل فصل من فصول...
يتناول هذا الكتاب وهو الجزء الثالث من موسوعة أعلام الفكر اللغوي-التقليد اللغوي الرئيس في الشرق الأوسط المتمثل في علم اللغة العربية. ويحرص الكتاب على أن يقدم إلى القارئ الكريم المسائل والموضوعات الرئيسة التي أثرت في مسار تطور التقليد اللغوي العربي. ويتضمن كل فصل من فصول الكتاب مقتطفات موجزة من النصوص المأخوذة من أمهات الكتب العربية التي ألفها أعلام الفكر اللغوي العرب، ثم يكتب مؤلف هذا الكتاب تعليقاً مفصلاً عليها يضع من خلاله تلك النصوص في سياقها الاجتماعي والفكري. وغالباً ما تمنحنا تلك النصوص المختارة الفرصة لمقارنتها بالتقليد الغربي، إذ يركز هذا الكتاب على خصائص التقليد اللغوي الذي يقع خارج نطاق التقليد اللغوي الغربي، ويمتاز التقليد اللغوي العربي بمنهجه المستقل في دراسة ظاهرة اللغة حيث يستحث الأفكار الجديدة عن تاريخه علم اللغة. يعرض الفصل الأول جهود مقاتل بن سليمان في تفسير القرآن الكريم الذي يعد كتابه من أقدم كتب التفسير التي ألفت في الإسلام ومن أقدم المصادر المكتوبة عن الإسلام.
ويناقش الفصل الثاني أول معجم في اللغة العربية وهو "كتاب العين" ذائع الصيت الذي صنفه النحوي المعروف الخليل بن أحمد الفراهيدي -العماني المولد العراقي المحتد- وهو رائد صناعة المعاجم العربية وإليه ينسب فضل التطور الذي حصل في هذا المجال. والخليل وهو واحد من الشخصيات المشهورة في التقليد اللغوي العربي، ويأتي بعد سيبويه في مدى شهرته.
يتتبع الفصل الثالث بداية النحو العربي ويتطرق إلى جهود سيبويه في بناء صرح النحو العربي، حيث ألف سيبويه أكثر الكتب شهرة في التقليد اللغوي العربي ويعرف كتابه بـ"الكتاب". وهو أول وصف متماسك لمنظومة اللغة العربية كاملة. ولا ينازعه كتاب آخر مكانته في التقليد اللغوي العربي. ويحاول المؤلف تقييم كتاب سيبويه من وجوه شتى لعل أهمها إلقاء الضوء على منهج سيبويه من زاوية التقليد الشائع في الفكر اللغوي الغربي، فينجم عن ذلك تقييم أصيل للفكر النحوي العربي تعضده التساؤلات التي يطرحها المؤلف حيث تقود إلى تحليل عميق للنظرية النحوية عند العرب.
يطرح الفصل الرابع مسألة قديمة حديثة على بساط البحث وهي الجدل بين المنطق والنحو، ويحاول أن يسبر غور العلاقة المفترضة بين هذين الميدانين المعرفيين المهمين.
يعالج الفصل الخامس مسألة التطور في النظرية اللغوية وذلك بإلقاء الضوء على جهود الزجاجي في التفسير اللغوي وتقييم منهجه المبتكر في دراسة اللغة، حيث إن الزجاجي يعد أول من ألف في موضوع علل النحو. ويقدم الفصل عرضاً مفصلاً لمحاولة علماء اللغة في القرن الرابع الهجري -أي القرن العاشر الميلادي تقريباً- إحكام السيطرة على الأسس المنهجية في البحث في مجال تخصصهم، ويتضح مما يذكره الزجاجي في كتابه "الإيضاح في علل النحو" نوع المصادر التي يستقي منها النحوي في بحثه: كالكتب والبحوث المستقلة والدروس التي يلقيها النحويون الآخرون. كما يبدو استقلاله واضحاً عن النحويين الذين ينتمون إلى كلتا المدرستين البصرية والكوفية.
ويتصدى الفصل السادس إلى مسالة ما زالت موضع أخذ ورد ومثار جدل بين علماء اللغة في الشرق والغرب في وقتنا الحاضر. وهذه المسألة هي العلاقة بين اللغة والفكر. ويحاول هذا الفصل عرض إسهامات أعلام الفكر اللغوي العرب من خلال تسليط الضوء على آراء المعلم الثاني الفارابي كما ورجت في مؤلفاته لا سيما كتابه الموسوم "كتاب الألفاظ المستعملة في المنطق".
وتتجلى جهود المؤلف واضحة في الغوص في أعماق أمهات الكتب العربية والبحث فيها عن آراء العلماء العرب فيما يتعلق بالنواحي المختلفة لدراسة اللغة. ولعل الفصل السابع يصدق ما نحن بصدده حيث إن المؤلف يتطرق إلى آراء إخوان الصفا وما اختطوه في مؤلفاتهم في مجال نظرية الأصوات والمعاني.
ويعرض الفصل الثامن آراء ابن جني في أصل اللغة وكونها إلهاماً أو اصطلاحاً -وهو واحد من النحويين البارزين في التقليد اللغوي والعربي- ويفرد ابن جني فصلاً كاملاً من فصول كتابه المعروف "الخصائص" لمناقشة النظريات الخاصة بأصل اللغة، ولعلع واحد من النحويين القلائل الذين تطرقوا لهذا الموضوع الشائك.
ويحظى الجرجاني والسكاكي بنصيبيهما من الاهتمام في الفصل التاسع من هذا الكتاب، وذلك بعرض منهجهما الدلالي الجديد في علم اللغة ومناقشة آرائهما في المعاني. وتؤشر جهودهما إلى بداية التحول في تطبيق المعايير المنهجية في تفسير بنية اللغة حيث تصبح الفروق الدلالية في حد ذاتها محور المنهج اللغوي الذي يؤكد على دور علم الدلالة في الدراسات اللغوية.
ويتناول الفصل العاشر السمة الاصطلاحية في اللغة وما يسمى بعلم "وضع اللغة"، ويناقش المؤلف آراء علم من أعلام التفسير وهو فخر الدين محمد بن عمر الرازي صاحب كتاب "المحصول في علم أصول الفقه".
يعرض الفصل الحادي عشر آراء ابن مضاء ودعوته إلى إلغاء نظرية العامل في كتابه المعروف "الرد على النحاة".
ويتناول الفصل الثاني عشر بالدرس والتحليل آراء المؤرخ الكبير ابن خلدون صاحب "المقدمة".
ويكرس الفصل الثالث عشر لمناقشة استخدام النموذج النحوي العربي في وصف اللغات الأخرى كاللغة التركية والعبرية.