مفهوم الإستدلال، شأنه شأن العلامة أو التمثيل أو التعليل أو الإتّصال والإنفصال... إلخ، من المفاهيم العابرة للإختصاصات والعلوم وفروعها في مختلف المنظومات العلميّة والثقافيّة، وجُلّها، إذا دقّقنا، موضوعات للنظر وأدوات له يعقل العقلُ أوابد الظواهر وقد يجعلها بدورها ظواهر...

مفهوم الإستدلال، شأنه شأن العلامة أو التمثيل أو التعليل أو الإتّصال والإنفصال... إلخ، من المفاهيم العابرة للإختصاصات والعلوم وفروعها في مختلف المنظومات العلميّة والثقافيّة، وجُلّها، إذا دقّقنا، موضوعات للنظر وأدوات له يعقل العقلُ أوابد الظواهر وقد يجعلها بدورها ظواهر للتعقّل والتفكّر في ضرب من الإنعكاس يمثّل بعض سلطان العقل البشري.
... والرّهان الرئيسي مهما تعدّدت الإختصاصات هو الإجابة عن تساؤلات أساسيّة تتّصل بالعمليات الذهنيّة وشروط قيامها وتوفيقها وقواعدها وفعاليّتها وصلتها بتمثيل الكون وعلاقتها باللسان والخطاب وكيفيّة تعاملها مع المقاصد والإعتقادات.

وليست هذه التساؤلات مشغلّنا المباشرَ في بحثنا لأنّ وصفنا للإستدلال بالبلاغيّ يحصر مجال التفكير على إتساعه ويخصّص المسألة على تعقّدها للإجابة عن تساؤلات من قبيل: كيف عالج البلاغيّون الإستدلالات البانية لمعنى القول؟ وما هي شروط تحققها؟ وما هو مجال اشتغالها؟ وما الصّلة التي رأوها بين الإستدلالات الصريحة والإستدلالات الضمنيّة؟ وما هي خصائص الإستدلالات التي اهتمّوا بها وما علاقتها بالإستدلالات التي نظر فيها المناطقة والمتكلّمون والأصوليون؟ وما هي مميّزات الجهاز التفسيري الذي اعتمدوه لتحليل الإستدلالات في القول؟ وما الذي يسوّغ لنا الحديث عن "إستدلالٍ بلاغي"؟