مثّل كتاب "التفكير البلاغيّ عند العرب" للأستاذ الدكتور حمّادي صمّود، عند صدوره منذ ما يناهز العقود الثلاثة، حدثاً علميّاً بارزاً. فقد كان صورة عن حركة فكريّة سعى أصحابها إلى إعادة النظر في الموروث البلاغيّ والنقديّ العربيّ نظراً يستند إلى ما نحتته علوم النصّ والأسلوبيّة...
مثّل كتاب "التفكير البلاغيّ عند العرب" للأستاذ الدكتور حمّادي صمّود، عند صدوره منذ ما يناهز العقود الثلاثة، حدثاً علميّاً بارزاً. فقد كان صورة عن حركة فكريّة سعى أصحابها إلى إعادة النظر في الموروث البلاغيّ والنقديّ العربيّ نظراً يستند إلى ما نحتته علوم النصّ والأسلوبيّة والشعريّة والسيميائيّة وحركة النقد الجديد في فرنسا، من مفاهيم لمعالجة قضايا الخطاب الأدبيّ وأسرار الإبداع فيه وما صاغته من تصوّرات عن مباني القول وتولّد معانيه. فجاء الحاصل من هذا النظر "قراءة" مخصبة أبانت عن خصائص في المنوال البلاغيّ العربي كانت خافية وأدرجت البلاغيّة العربيّة في بعض مدارات الأسئلة العلميّة الحديثة.
وإذ تعيد دار الكتاب الجديد نشر هذا المؤلَّف اليوم فلكي توفّر للقارئ العربي وأهل الاختصاص مرجعاً لا غنى عنه في تبيّن تطوّر الدرس البلاغيّ الحديث عند الباحثين العرب وقراءتهم للموروث منه وتجديد مفاهيمه والحفر العميق في فرضياته ونتائجه.
أضف إلى ذلك أن كتاب الأستاذ الدكتور حمّادي صمّود قد طرح أسئلة مهمّة، سواء على المدوّنة البلاغيّة القديمة أو على الباحثين البلاغيين المجدّدين ما زالت في حاجة إلى معالجة وتدبّر.
إنّه كتاب فتح أبوابًا في البحث المجدّد ووسّع آفاقاً في التناول العلميّ جعلته محفزَّاً، إلى اليوم، على مواصلة تملّك جزء من تراثنا الثقافي والعلمي واستصفاء خصائصه من منظور القضايا الراهنة بحثاً عن مسالك أقوم في بناء النظريّة البلاغيّة.