نتناول في هذا البحث أهمّ القضايا التي يطرحها مفهوم "الإقتضاء" في علاقته بالخطاب، وهي قضايا نتبيّنها عندما يتعلق الأمر بتعدّد مقتضيات القول الواحد وتنوُّع مولّداته؛ فالموضوع الأساسي لهذا العمل هو معالجة ظاهرة لغوية ضمنية بطريقة متناسقة للإجابة عن سؤال يمثل قلب الرَّحَى في...
نتناول في هذا البحث أهمّ القضايا التي يطرحها مفهوم "الإقتضاء" في علاقته بالخطاب، وهي قضايا نتبيّنها عندما يتعلق الأمر بتعدّد مقتضيات القول الواحد وتنوُّع مولّداته؛ فالموضوع الأساسي لهذا العمل هو معالجة ظاهرة لغوية ضمنية بطريقة متناسقة للإجابة عن سؤال يمثل قلب الرَّحَى في هذا الكتاب، كيف تنتظم اللّغة في وحدات أوسع من الجملة لتفيد غرضاً محدداً؟... وكيف تشتغل الأبنية الإقتضائية وتتفاعل في الخطاب حتّى تحقق له الأساس النحويّ لتماسكه؟.
والمقصد الأسمى من تحليلنا هو أن نبرز أساساً أن المكوّنات المولّدة للمقتضيات، إنما هي آليّات إستدلالية تسمح لنا بواسطة "الحساب النحوي" أن نؤوّل الخطابات تأويلاً يكفل لنا الكشف عن أغراضها ومقاصد أصحابها.
لذلك عَمِلْنا على تحديد تلك البنية غير الموسومة باللّفظ دون إدّعاء حصرها في قائمة مغلقة، وسعينا، في ضوء مجموعة من النماذج المدروسة، إلى أن نقدم حساباً لمقتضيات كلّ جملة أو خطاب يدرس إقتضائياً، فانطلقنا من الأبنية التي يتكوّن منها الخطاب لتدقيق النظر فيها، مستندين إلى منوال موحّد أقمناه على مفهوم وحدة البنية الإعرابية المقوليّة المجردة إنتشاراً وإنخزالاً.
إنّ البحث في ما بين الإقتضاء والخطاب من علاقات ووشائج إنما هو بحث في الأبنية الكبرى التي تنتظم على أساسها الخطابات بحكم العلاقات النحويّة الرابطة بين مكوّناتها، وهذه العلاقات هي الكفيلة في تقديرنا، بتحقيق إنسجام الخطاب.