نتناول في هذا الكتاب قضيّة لسانيّة أساسيّة طرحها تشومسكي منذ نظريّته المعياريّة (1965) هي قضيّة المقارنة بين النّظريّات اللّغوية مقارنة تهدف إلى تفهّم كيفيّة اشتغال النّظام اللّغوي.وقد اخترنا للنّظر في هذه القضيّة النّظريّة النّحويّة العربيّة والنّظريّة التّوليديّة...
نتناول في هذا الكتاب قضيّة لسانيّة أساسيّة طرحها تشومسكي منذ نظريّته المعياريّة (1965) هي قضيّة المقارنة بين النّظريّات اللّغوية مقارنة تهدف إلى تفهّم كيفيّة اشتغال النّظام اللّغوي. وقد اخترنا للنّظر في هذه القضيّة النّظريّة النّحويّة العربيّة والنّظريّة التّوليديّة بمختلف مناويلها (1956- 2006) باعتبار أنّ اللّسان العربيّ هو من مشمولات النّظريّتين، ووظّفنا في الاختبار المبادئ الإبستيمولوجيّة الأساسيّة التي صاغها ملنار (1989) في التّقييم إضافة إلى ما حبّره تشومسكي في هذا الشّأن، واعتمدنا التّوليديّة نفسها نظريّة- أساساً في عقد المقارنة وفي بناء تصوّرنا لعدد من المعطيات والقضايا اللّسانية بما أنّها نظريّة في اللّغة عموماً.
وقد وجدنا أنفسنا من موقعنا اللّسانيّ أثناء مفاعلتنا بين عدد من الأبنية الإعرابيّة والافتراضات التّوليديّة، ننظر إلى مقارباتها نظرة نقديّة سعينا من خلالها إلى تقييس بعض ما صنّفته ضمن الكلّيّات اللّغويّة تقييساً يأخذ بعين الاعتبار خصائص الواقع اللّساني العربي ويوظّف النّتائج التي بلغها النّحاة العرب في دراستهم للأبنية الإعرابيّة.
ولاحظنا أثناء المقارنة بين النّظريّتين في مستوى تفاعلهما مع الأبنية المشكلة نفسها بلوغهما كفاية تفسيريّة واحدة في عدد من الحالات؛ إذ وقفنا على تصوّرات مشتركة يمكنها أن ترتقي إلى مستوى الكلّيّات، فتؤكّد أنّ اللّغة نظام مسيّر بمبادئ كونيّة يقتضي وضع برنامج نحويّ موحّد وليس من المنطقيّ أن يفسّر بنظريّتين أو أكثر. أمّا نقاط الاختلاف فضروريّة بدورها لتنسيب تصوّرنا للمعطيات اللّسانيّة وللأخذ بعين الاعتبار خاصّيّة اللّسان في التّعبير عن المعنى. وتبقى مسألة التّوحيد مسألة شائكة في ظلّ الاختلافات التي تعود أساساً إلى طبيعة التّفاعل بين النّظريّة والواقع اللّغوي، هذا التّفاعل الذي ما انفكّ يواجه ثنائيّة المعطى المطابق/ المعطى المضادّ.