يمكن القول أن البشير التهالي في كتابه (الخطاب الإشتباهي في التراث اللساني العربي) بدا مأخوذاً برغبة حقيقية في رسم معالم نظرية لسانية عربية من خلال ما أنتجه علماء العربية حول الخطاب الإشتباهي في مستوياته اللسانية المختلفة والتي جمع فيها بين ما هو ثابت يُنْمى إلى صورة...

يمكن القول أن البشير التهالي في كتابه (الخطاب الإشتباهي في التراث اللساني العربي) بدا مأخوذاً برغبة حقيقية في رسم معالم نظرية لسانية عربية من خلال ما أنتجه علماء العربية حول الخطاب الإشتباهي في مستوياته اللسانية المختلفة والتي جمع فيها بين ما هو ثابت يُنْمى إلى صورة الخطاب، وبين ما هو متغيّراً يحتكم إلى المقتضيات التداولية المحيطة بالخطاب؛ ولهذه الخطة لزم المؤلف الوقوف على موارد النظر اللغوي في التراث اللساني العربي التي يجري فيها تناول مسائل الدلالة بصفة عامة، وذلك بقصد بيان مأتى الدلالة الإشتباهية الخاصة، التي اتخذ لها المؤلف محدداً نوعياً واحداً وهو احتمال الخطاب وخفاء المراد منه، وإليه أعاد سائر المحددات الجزئية الأخرى التي تولّى علماء اللغة ترتيب الإشتباه عليها.
وبهذا الإجراء تيسر لمؤلف الكتاب الوقوف على البعد التداولي للخطاب الإشتباهي باعتبار تعلقه بمعرض التواصل اللفظي؛ حيث يقع التدافع بين غرض المتكلم وإدراك السامع، مما يحوّل التواصل إلى صراع بين استراتيجيتين؛ الأولى: إستعمالية، تكم قوتها في توظف آليات الإشتباه، والثانية: حملية، تستعين بالتأويل والوجيه.