-
/ عربي / USD
تاريخ بيزنطية هو تاريخ الجارة الكبرى للعرب في تاريخهم المديد، تاريخ قياصرة الروم في عاصمتهم الشرقية وعلاقاتهم الحربية والاقتصادية والثقافية بجيرانهم العرب والأوروبيين. لذا، فإن غياب المراجع العربية في هذا الكتاب أمر لافت، وقد كتبت لصاحبه وهو أستاذ في جامعة السوربون، أسأله السبب، فأجاب متلطفاً أنه كتاب موجه في الأساس إلى القارئ الغربي، وهو مسرور جداً أن ينقل إلى العربية، وكتب مقدمة خاصة لهذه الطبعة من الكتاب.
العلاقة ببيزنطية طالت الشعر العربي منذ امرئ القيس، الملك الضليل، الذي ذهب إلى قيصر القسطنطينية ليعينه على استرداد ملكه، وتعد قصيدة البحتري في فتح المعتصم لعمورية واحدة من أجمل قصائد اللغة العربية، أما أبو الفراس الحمداني فقد نظم بعد وقوعه في الأسر عند الروم لاميته التي تعد واحدة من أرق قصائد اللغة: أقول وقد ناحت بقربي حمامة، أيا جارتا هل تشعرين بحالي.
إن كنا قد ذكرنا الشعر فلكي نقول إن الناس على الرغم من الحروب والمآسي فهم يتلاقون ويجدون أن ما يجمعهم أكثر بكثير مما يفرقهم، وأن هناك إرثاً بشرياً من العلوم والآداب هو الأبقى. بهذا الصدد يؤكد الجاحظ أن الورثة الحقيقيين لأي علم هم الشعب الذي يهتم بهذا العلم ويطوره، آخذاً على الروم إهمالهم العلوم التي كتبت بلغتهم. بالفعل، فإ، هناك حكماً مسبقاً تناول كل تاريخ بيزنطية وثقافتها يقول إنها أهملت العلوم لصالح الجدل اللاهوتي حتى أصبح الجدل البيزنطي مرادفاً للجدل العقيم. وهذا الكتاب يعير هذه الناحية اهتماماً خاصاً في حدود مجمل مسار التاريخ، ويحاول أن يضع القضية في سياقها الحقيقي، بنوع من الرد على كل الذين يظلون أسرى أفكارهم المسبقة، وتاريخ بيزنطية مليء بمثل هذه الأفكار، بل هو أسرها.
في القرن الماضي كانت هناك حملة عنيفة شنتها مدرسة الحوليات في فرنسا على منهاج كتابة التاريخ، واكتفائه في غالب الأحيان بسرد الأحداث والتحدث عن الملوك والحكام، فكانت ثورة على التاريخ الوقائعي وغيرت كل طريقة كتابة التاريخ، ونجد صدى لهذه الثورة في هذا الكتاب على القارئ العربي التنبيه لها، فالاهتمام هنا ليس للمعارك وللملوك بل للبنى التي تحكمت في الدولة والمجتمع وفي حياة الناس الاجتماعية والاقتصادية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد