ما عانى الاستشراق الألماني لدى الباحثين العرب والمسلمين من مشكلات الاستشراق بعامة فقط، بل كانت لغته أيضاً بين أسباب قصور تأثيره وعجزه عن التوصيل إبان فترة ازدهاره.فالاستشراق الألماني يحاول مراجعة مشكلاته، والتوصل إلى الانضواء في أحد أربعة تخصصات: التاريخ،...
ما عانى الاستشراق الألماني لدى الباحثين العرب والمسلمين من مشكلات الاستشراق بعامة فقط، بل كانت لغته أيضاً بين أسباب قصور تأثيره وعجزه عن التوصيل إبان فترة ازدهاره.
فالاستشراق الألماني يحاول مراجعة مشكلاته، والتوصل إلى الانضواء في أحد أربعة تخصصات: التاريخ، والأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا، وعلم الدين، والدراسات الشرق أوسطية. وهذا عمل جيل الكهول، الذين بدأوا ينتجون في الثمانينات. وما تزال بالجامعات الألمانية عشرون كرسي تقريباً تعنى بالدراسات الإسلامية والعربية.
بيد أن تطورين مهمين حدثا: الأول ازدهار دراسات "الإسلام المعاصر" لفهم واستيعاب ظاهرة الأصولية الإسلامية، وازدهار الدراسات الأدبية المعنية بالتراث الأدبي العربي والفارسي والتركي، والمعنية بالأدب الروائي الحديث والمعاصر لدى العرب والإيرانيين والأتراك والشعوب الإسلامية الأخرى. والثاني: قيام معاهد وكراسي لدراسة "الدين الإسلامي" في كليات اللاهوت، أو في مراكز الدراسات المسيحية/الإسلامية. في حين تصر جامعات عريقة قليلة على مسمى "الدراسات الإسلامية" أو "علم الإسلام" أو "الدراسات العربية" في كراسيها ومعاهدها. فالمضامين تغيرت، وتتبعها القوالب والأطر. لقد انتهى الاستشراق بالمعنى المتعارف عليه. وتستمر التطورات والتطويرات التغييرية كما في سائر مناحي العلوم الإنسانية والاجتماعية. أما أبناء جيلنا ممن نالهم شواظ الخنزوانات الساحرة، فما تزال التوستالجيا، الحارقة تؤرق عقولهم وأعينهم التي نال منها الكلل.