بين طيات هذا الكتاب من الدراسات والبحوث التي تم إعدادها في العقود الثلاثة الأخيرة، عن تاريخ المشرق الإسلامي وحضارته. وتناولت ثمانية منها موضوعات حضارية وسياسية مختلفة عن الدولة العربية الإسلامية في العصرين الراشدي والأموي، ولا سيما التركيز على أقاليم معينة، مثل بلاد...
بين طيات هذا الكتاب من الدراسات والبحوث التي تم إعدادها في العقود الثلاثة الأخيرة، عن تاريخ المشرق الإسلامي وحضارته. وتناولت ثمانية منها موضوعات حضارية وسياسية مختلفة عن الدولة العربية الإسلامية في العصرين الراشدي والأموي، ولا سيما التركيز على أقاليم معينة، مثل بلاد الشام، التي اختصت ببحثين: أحدهما: عن إدارة بلاد الشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، والثاني: دور بلاد الشام في نشأة علم التاريخ في العصر الأموي. أما العراق، فقد تم الحديث عن عملية التعريب فيه، ونقل الدواوين من الفارسية إلى العربية في أثناء ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي، وكذلك عن حدوده الجنوبية وامتداداتها في ذلك العصر، وتناولت ثلاثة بحوث أعمال الجهد العسكري في هذا الإقليم ولا سيما منطقة الأنباء، ودور العراق في قيادة وتوجيه الفتوح الإسلامية في المشرق، وهو دور تميز بالريادة في هذا المجال. أما بقية البحوث فقد تناولت جوانب مختلفة من تاريخ وحضارة المشرق منها ما هو متداخل بين العصرين الأموي والعباسي، مثل أهمية موقعة القادسية في هذين العصرين، ومنها ما هو خاص بالعصر العباسي وحضارته. وقد ركز أحد هذه البحوث على دراسة أسرة معروفة في العصر العباسي، تولى عدد من أفرادها الوزارة، وهي أسرة آل الجراح. كما تطرق بحث آخر إلى المجتمع البغدادي، كما صوره مؤلف معاصر في حكاية (أبو القاسم البغدادي) في القرن الرابع للهجرة/العاشر للميلاد، وقد اختص بحث آخر في موارد الصفوة من المجتمع، أي الخلفاء العباسيين، ومقدار ثرواتهم، وضياعهم السلطانية الخاصة، محللاً مصادر هذه الثروة، وأوجه إنفاقها، واهتم الثالث عشر بالحديث عن جهاز الأمن والشرطة السرية في العصر العباسي، مركزاً على مهام صاحب الشرطة، وصاحب الخبر وأهل الأخبار، والأسلحة الشرطة العباسية.
ولم تغفل هذه الدراسات عن الإشارة إلى ما ساد أوائل العصر العباسي من أفكار وآراء ومعتقدات، تبنتها فئات مختلفة من جماعات غير عربية، بهدف زعزعة الكيان العربي الإسلامي وإضعافه، فتم تناول هذه الحركة التي تسمى (بالشعوبية) والإشارة إلى تاريخها، وطبيعتها وأساليبها، وأهدافها، بشكل خاص في البحث الخامس عشر. وأخيراً تم التطرق إلى بعض التأثيرات الحضارية المشرقية، التي أثرت في الحضارة الغربية، والتي انتقلت في العصور الوسيطة، ولا سيما في مجال العلوم الطبية، التي مثلها أحد العلماء المسلمين وهو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي الذي انتقلت كتبه إلى الغرب، ودرست في المدارس الطبية الأوروبية لقرون عديدة.