يعد السلطان محمود الغزنوي واحداً من مشاهير التاريخ الإسلامي، نال صيتاً واسعاً وشهرة كبيرة تخطت حدود الزمان والمكان، وإن كان الفتح الإسلامي للهند في القرن الأول الهجري حدثاً عارضاً في تاريخ شبه القارة الهندية، فإن فتوحات السلطان الغزنوي وجهوده على مدى أكثر من عشرين سنة قد...
يعد السلطان محمود الغزنوي واحداً من مشاهير التاريخ الإسلامي، نال صيتاً واسعاً وشهرة كبيرة تخطت حدود الزمان والمكان، وإن كان الفتح الإسلامي للهند في القرن الأول الهجري حدثاً عارضاً في تاريخ شبه القارة الهندية، فإن فتوحات السلطان الغزنوي وجهوده على مدى أكثر من عشرين سنة قد رسخت الوجود الإسلامي في تلك البقاع، وأرست سياسة سار على دربها خلفاؤه وحكام الإمارت الإسلامية الذين ورثوا ملكه من بعده. ولم تكن شهرة الغزنوي مرجعها فتوحاته العسكرية فحسب، بل إن له إسهامات حضارية لا يمكن تجاهلها، إذ جعل من عاصمته غزنة مركز إشعاع حضاري جذب العلماء والمفكرين من كل مكان، حتى ضاهت المراكز الإسلامية الأخرى في بخارى ونيسابور وإصفهان وبغداد وغيرها، ويحمد لغزنة أنها مثلث الجسر الذي عبر عليه التراث الإسلامي إلى المراكز الحضارية التي قامت في الهند الإسلامية في فترة لاحقة. أما مؤلف الكتاب، فهو مؤرخ هندي عاش حتى منتصف القرن الماضي، إنصبت إهتماماته على تاريخ المشرق الإسلامي، فأحسن وأجاد وترك مؤلفات وبحوثاً ودراسات تشهد له بالكفاية وإمتلاك جادة البحث والتحليل والإستقصاء. وهذا الكتاب خرج في طبعة نادرة منذ أكثر من سبعين سنة، إعتمد فيه المؤلف على حشد هائل من المصادر الأصلية، ويكفي للتدليل على الجهد الذي بذله أن هذه المصادر لا تزال مخطوطة حتى يومنا هذا رغم إنقضاء هذه الفترة الطويلة، وقد ظل الإعتماد قائماً ومستمراً على هذا الكتاب كمرجع أساسي لكل الباحثين في تاريخ شبه القارة الهندية وأفغانستان. وهكذا فإن نقله إلى العربية سوف يسدي خدمة للمعرفة التاريخية، وسيسد نقصاً في المكتبة العربية، وسيجد فيه الباحث المتخصص مادة علمية موثقة تعينه على فهم حياة السلطان محمود الغزنوي وعصره.