يعتبر الشيخ الطاهر أحمد الزاوي، مؤلف هذا الكتاب، علماً من الأعلام المعاصرين، ليس بين علماء ورجال ليبيا فحسب، بل بين أرباب الأقلام الجياد في البلاد العربية والإسلامية، التي ساهم في حياتها العلمية بالكثير من الجهود والآثار التي تمتلئ بكتابتها، ويفيد منها دارسوها. فالشيخ...
يعتبر الشيخ الطاهر أحمد الزاوي، مؤلف هذا الكتاب، علماً من الأعلام المعاصرين، ليس بين علماء ورجال ليبيا فحسب، بل بين أرباب الأقلام الجياد في البلاد العربية والإسلامية، التي ساهم في حياتها العلمية بالكثير من الجهود والآثار التي تمتلئ بكتابتها، ويفيد منها دارسوها. فالشيخ الطاهر الزاوي هو من أبرز الأشياء الليبيين الذين تركوا تآليف، لا بل يحسب في مقدمة كاتبيهم، فقد ساهم في الحياة الفكرية والثقافية بمؤلفات كثيرة وقيمة ومتنوعة، وقد أسهم قلمه في أوائل القرن العشرين بمقالات صحفية متتابعة ذات منحى ديني وسياسي، نشرها في الصحف العربية في مناسبات إسلامية، وللتعريف بالقضية الليبية، التي كانت تمر في ذلك التاريخ بأدق الأطوار.
ومن آثار الطاهر الزاوي آثار علمية نافعة، نظراً لما وفره لها من جهود وموضوعية في أغلبها، وتتجاوز تلك الملامح فيما تقوم عليه من حقائق تاريخية موثقة، ومن مشاهدات وانطباعات وقف عليها المؤلف بنفسه. ومن هذه الأعمال التي تتوافر فيها الحقائق والمشاهدات والسماعات بل المشاركات كتابه "جهاد الأبطال في طرابلس الغرب"، وعمر المختار، وأعلام ليبيا، وجهاد الليبيين في ديار الهجرة، وكتاب معجم البلدان الليبية، ففي هذه الكتب، إلى جانب الحقائق التاريخية المعتمدة في كتب التاريخ الحديث، انطباعات وارتسامات المؤلف وما وقف عليه من أخبار وأحداث تعد دون شك ذات قيمة في موضوعها.
وكتابه أعلام ليبيا الذي أصدره في سنة (1381-1961)، والذي نقلب صفحاته، يعدّ أول كتاب مطبوع في موضوعه، جمع أعلاماً ليبيين ذوي اتجاهات مختلفة من العلم والأدب والجهاد، لا بل في الفضائل النفسية التي ترجح بها أقدار بعض الوجهاء والأعيان. وعمل الشيخ الطاهر الزاوي هذا سبقه إليه علي الفقيه حسن، وكتاب آخرون أودعوا مقالاتهم في صفحات المجلات والجرائد التي كانت تصدر قبل نشر كتابه هذا. وقد أفاد الشيخ الزاوي من تلك المقالات، ومن مكاتباته مع الآخرين، أحمد الفقيه حسن وعلي الفقيه حسن، ومع الشيخ محمد محمد العيساوي أبو خنجر والشيخ رحومة الصاري وغيرهم في كتابة مؤلفه هذا. والكتاب يقوم في الغالب على التعريف المكثف الوجيز، في غير توسيع أو تحليل، وقد اعتمد في تحرير مادته بالإضافة إلى ما تمّ ذكره، على كتب التراجم المختلفة، مشرقية ومغربية، هذا وإن التراجم التي بلغ عددها في هذا الكتاب أكثر من أربعمائة، ليست إلا مجرد منتخباً قام به المؤلف، إذ أن أعلام القطر الليبي، ينبغي أن يجاوز هذا العدد بكثير من خلال ثلاثة عشر قرناً. وما جمعه الشيخ الزاوي هو هام جداً في علمية التوثيق لتراجم أعلام هذا القطر العربي العزيز.