لن تدخل فكرة التاريخ ما لم يؤرخ لها، وبالتأريخ لها تدخل نطاق التداول الثقافي بين أخذ ورد، قبول ورفض، إثبات ونفي. وهذا كله يقتضي حرية في القول والتأريخ للقول، وما من سبيل غير الحرية سبيلا حميدا وأكيدا للتأريخ والفهم المتنوع والمختلف والمتعدد. وكل ذلك برجاء أن نفلح جميعا في إنتاج ما يعوزنا إلى اليوم: وهو رأسمال اجتماعي وثقة مشتركة. ولا شيء غير الثقافة المتفکرة بنفسها، والناقدة لنفسها، والواقعية بلا شعارات زائفة، والعلمية بقدر المستطاع أو الضرورية، ما يكوننا مثلما نكونها، وما يستظهر عيوبنا وحسناتنا ويرينا إياها. هذا الكلام النموذجي لا ينطبق ضرورة على المقالات التي يضمها هذا الكتاب، فهذه محاولات للنظر والفهم الممزوجين بحزن وألم، بقدر ما ينطبق على ما يجب أن يكون، ولست أزعم بأي حال من الأحوال أني من منفذي هذه الخطة.