-
/ عربي / USD
عندما تلتقي الأسرة في المساء .. ويجتمع الشمل في ظلال المحبة والوفاء .. وتهفو القلوب إلى خالق الأرض والسماء .. عندئذ يحلو المساء !.. يروى أن يحيى الليثي – أحد رواة الإمام مالك – قدِمَ من الأندلس ليتتلمذ على يديه .. فلما كان في مجلسه يوماً ، سمع الطلاب صارخاً يصرخ : " الفيل .. الفيل " .. فانصرف الطلاب من حلقة مالك إلا يحيى الليثي!! .. سأله مالك : لماذا لم تذهب لترى ما يراه الناس ؟ فأجاب : لقد جئت من الأندلس لأراك .. لا لأرى الفيل !! . فقال مالك : بارك الله فيك ، فمثلك يكون له شأن .. وفعلاً أصبح هذا التلميذ أحد رواة الإمام مالك المعروفين!! . فكم منا من يترك جلسات العائلة في المساء.. ليخرج مفتشا عن أمثال ذلك "الفيل"؟ كم من الناس من يبحث عن السعادة خارج بيته .. في حديقة الغرباء .. وينسى أن السعادة تكمن في بيته مع أهله وأولاده .. لماذا نجد بعض الشباب أو الأزواج يخرج من بيته في كل مساء مع "شلته" أو أصحابه، ولا يعود إلى بيته إلا بعد منتصف الليل ؟ لماذا تفككت البيوت وتشتت الأسر ؟ لماذا تفرق الشمل .. وتشعبت المشارب والآراء ؟! تعالوا نسأل أنفسنا: هل من الناس من لم يعط أبناءه "اللقاحات" التي ينصح بها الأطباء ؟ ولكن هل حقاً أعطينا أبناءنا "لقاحات" إيمانية لمواجهة تحديات الحياة ؟ هل جلسنا مع أبنائنا وبناتنا في كل يوم ولو لدقائق معدودات .. يكون فيها حديث من القلب إلى القلب .. حوار هادئ .. ونقاش لما يعكر صفوهم..ويدور بخلدهم ؟ هل ربطنا أبناءنا بأصدقاء طيبين .. تطمئن إليهم عندما يخرج معهم ابنك ؟ وهل عرفت الأم صديقات ابنتها ومع من تخرج ؟ هل أرشدنا أبناءنا إلى البرامج النافعة في القنوات الفضائية الهادفة أو إلى كتاب مفيد نلقيه بين أيديهم من حين إلى حين ؟ قد يقول أحدهم : في أسرتي خلاف بين الأبوين أو بين الأخ وأخيه .. فأين يكون اللقاء ؟ ويقول آخر : أسرتي لا تفهمني .. هم في وادٍ وأنا في واد .. ويستحيل أن يكون بيننا لقاء!!.. ويقول ثالث : أنا ملتزم وأهلي منحرفون غير مهتدين ..فكيف ألتقي بهم ؟! تعالوا يا إخوتي نتقارب ونتحابب .. يفهم بعضنا بعضاً ، نفتش عما يجمع بيننا وندع جانبا ما نختلف فيه .. تعالوا نصفي القلوب من الضغائن والأحقاد .. نستمع إلى وجهات نظر الآخرين .. نحاورهم بهدوء واحترام .. ونناقشهم بأدب والتزام .. اجعل إخوتك لك أصدقاء .. فهم معك في المستقبل إن واجهتك المحن والشدائد -لا سمح الله- .. إذا اختلفتَ مع والديك .. فلا تتشبث برأيك .. وتسفّه رأيهما .. تذكر أنهما يعملان لمصلحتك .. فأطعهما ، فرضاهما طريق إلى رضا الله تعالى . ولا تحسبن أن والديك ُخلقا من أجل تحقيق آمالك وأحلامك .. فعليهما مسؤوليات كبيرة تجاه العمل والبيت .. لا تكن أنانياً .. آثر إخوتك على نفسك ما استطعت ، وكن كريما عطوفا على من هو أصغر منك !! .. إذا كان ما حولك لا يبعث على السعادة والرضا ، فكن أنت التغيير الذي تحب أن تراه في العالم . فحياة الإنسان لا تقاس بعدد السنين التي عاشها ، إنما بما قدّم في هذه الحياة .. بالبصمات التي تركها .. بما قام من عمل جليل .. بالذكر الحسن ، بأعمال الخير التي أسهم فيها في حياته . وهمسة في أذن الأب .. لا تفرض آراءك على زوجتك وأولادك .. ولا تكن الأب المستبد برأيه وإن كان على خطأ فاضح !!.. لا تدع الهموم التي تعانيها خارج بيتك تتسرب إلى داخل أسرتك . فتتراكم مع هموم أخرى داخل البيت.. لا تقارن حياتك بحياة صديق أو قريب ثري تظن أنه يتمتع بسعادة أكثر منك ، ولكن قارنها بحياة من يقاسي من المشاكل والأزمات التي لا تعرفها حياتك! .. لا تنس الابتسامة في معظم الأحوال فهي كلمة معروف من غير حروف .. هي رسول القلوب إلى القلوب .. هي مدعاة للود والحب والوفاء.. *** وما أجمل أن نقضي الكثير من الأمسيات في أكناف العائلة وعلى بساط المحبة والصفاء !!..ولكن لا شك أن للأقرباء نصيب .. وللأصدقاء المخلصين نصيب ، وللمعلمين والمربين نصيب ، فأعط كل ذي حق حقه .
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد