لم تكن حاجة الناس في أنحاء المعمورة ماسَّة إلى الهداية الربانية في يوم من الأيام كما هي اليوم، حيث يقود العالم على مستوى التوجهات العريضة رجال الفكر والفلسفة والسياسة والإعلام، وهؤلاء هم أكثر الناس حيرة وإضطراباً وخوفاً من المستقبل، وأدى الإنتاج المادي الضخم في عالم...
لم تكن حاجة الناس في أنحاء المعمورة ماسَّة إلى الهداية الربانية في يوم من الأيام كما هي اليوم، حيث يقود العالم على مستوى التوجهات العريضة رجال الفكر والفلسفة والسياسة والإعلام، وهؤلاء هم أكثر الناس حيرة وإضطراباً وخوفاً من المستقبل، وأدى الإنتاج المادي الضخم في عالم الأشياء إلى الشعور لدى كثير منهم بالفخر والإعتزاز بما أنجزوه من السيطرة على الطبيعة، كما أنتج ذلك نوعاً من الشعور بالإستغناء عن هداية السماء!. أما السواد الأعظم من المثقفين والعامة فإنهم ليسوا هنا ولا هناك، حيث غرقوا في التفاصيل والجزئيات المتعلقة بهوامش الحياة، وغفلوا عن ضرورة التأمل في الغاية من الموجود ومآلات الأنشطة المحمومة لهذا الإنسان، لكن الجميع في النهاية يقفون على أرض هشة مائجة بالخوف والقلق والحيرة والكآبة والتشاؤم من المستقبل، وعطالة القوى الروحية وعزلها عن أنشطة الحياة العامة.
هذه الصورة تنطبق بصورة أساسية على شعوب عالم الوفرة والتمكن العلمي والتقني، أما الأمة التي أودع الله تعالى في عقيدتها ومبادئها إمكانات هداية العالم وإرشاده، كما أودع في أراضيها ودماء شبابها وسواعدهم إمكانات ضخمة تؤهلهم لأن يكونوا رقماً صعباً متميزاً في عالم المادة وموازين القوى، فإنها تواجه مشكلات كثيرة على الصعد الثقافية والإجتماعية والتقنية والإقتصادية والسياسية.
وهذا الكتاب الذي بين يدي القارئ جزء من سلسلة "المسلمون بين التحدي والمواجهة" خصص لعرض التحديات التي تواجه الأمة لتوعية هذه الأمة بواقعها والنهوض به.