عني العلماء بخدمة القرآن الكريم ، وسعوا في تسجيل معارفهم حول نَحْوِهِ وصَرْفِهِ ولغته ، وجمعوا من الشواهد والآراء والدراسات مادة غزيرة ، وأضافوا إلى حديثهم عن اللفظ القرآني بناء قواعد وأصول ، تندرج تحتها المفردات التي تتفق في ظاهرة واحدة . لقد وضع السلف قواعد عامة لهاتين...
عني العلماء بخدمة القرآن الكريم ، وسعوا في تسجيل معارفهم حول نَحْوِهِ وصَرْفِهِ ولغته ، وجمعوا من الشواهد والآراء والدراسات مادة غزيرة ، وأضافوا إلى حديثهم عن اللفظ القرآني بناء قواعد وأصول ، تندرج تحتها المفردات التي تتفق في ظاهرة واحدة . لقد وضع السلف قواعد عامة لهاتين الظاهرتين ، واختاروا بعض الألفاظ القرآنية ، فطبقوا عليها قواعدهم النظرية واختلاف وجهة نظرهم ، ولكنهم لم يستوعبوا في تطبيقاتهم هذه جميع ما في المصحف الكريم من كلمات ، وإنما اكتفوا غالباً بالقواعد العامة والأمثلة التي ألحقوها بها . من هنا رأى المؤلف ضرورة توفر مصنف معجمي ، يرصد المفردات التي وقع فيها إبدال أو إعلال على نحوٍ يفصل في مداخل التوجيه الصرفي للكلمة . وقد عمل ، وبخلاف من العوافي ظاهرة الاعلال والإبدال ، عمل على عدم الإكتفاء بعرض قواعدها فقط ، بل هو الحق هذه القواعد تدريبات واسعة وتطبيقات عريضة ، فيحقق بذلك للدارسين المرحلة التالية من قراءتهم في الأصول النظرية . إلى جانب ذلك فإن الباحث في علم الصرف يحتاج إلى فيض من الأمثلة التطبيقية ، وإلى معرفة مظانها التي تبني بموجبها أسس كل لفظة من المفردات القرآنية ، وقد يطلب التعرّف على أقوال أهل العلم المنسوبة إلى أصحابها ، من خلال مؤلفاتهم ، وقد سعى المؤلف إلى توفير ذلك في معجمه هذا الذي سعى من خلاله أيضاً إلى تحرير تعليل الظاهرة الصرفية على نحو ميسّر مرتب ، فقد يشير سيبويه والزجّاج والفارسي إلى اللفظة بإيجاز ، من غير بيان وزنها واصلها ، وقد يوردن النتيجة بدون مقدماتها ، أو تجري على ألسنتهم عبارات غامضة . لذا تدارك المؤلف هذا النقص ، بالعودة إلى القواعد والمعايير التي أثبتها القوم في كتبهم ، فعمد إلى أن يعرض عليها اللفظ القرآني ، ليؤصّل ما فيه من مراحل يفترضونها ، مع التعليل ، وصولاً باللفظ إلى مرحلة النطق الذي ورد على لسان قارىء كتاب الله . هذا وقد بذل المؤلف جهده في توثيق كل رأي أو مذهب من أمهات كتب الفن ، وفي إثبات الوزن الصرفي لكل لفظة ، لما لهذا الوزن من أهمية كبيرة ، وقد يلتفت إلى ترجيح راي من الآراء التي كان قد عرضها ، فيعلل هذا الترجيح بما يراه من احتجاج أو تعليل . وأما منهجه فكان كالتالي : 1- تقسيم المعجم إلى قسمين : قسم للسماء ، وقسم للأفعال ، وترتيبها ترتيباً معجمياً ، وذلك على طريقة ( أساس البلاغة ) و ( مختار الصحاح ) . 2- القيام بذكر أصل الكلمة الذي يفترض أصحاب هذا الفن ، والإشارة إذا كان ثمة اختلاف . 3- العناية بالميزان الصرفي للكلمة ، وأيضاً الإشارة في حال وجود اختلاف . 4- السعي إلى تأصيل الكلمة وبيان ما طرأ عليها من تغييرات قد تصل إلى سبع مراحل ، ومحاولة ضبط كل مرحلة مع إيراد التعليل العلمي لكل مرحلة . 5- عزو الأقوال إلى أصحابها ، ومحاولة توثيقها من مظانّها المعتمدة ، وتخريج القول المنسوب إلى الإمام من كتابه . 6- ذكر مظانّ الكلمة ؛ إن رغب الباحث في قراءة تفصيلاتها ، كما وردت في كتب أهل الفن . 7- عدم العناية بالتفصيلات اللغوية أو النحوية في حال كانت بعيدة عن المسألة الصرفية أو لا تخدمها للإلتزام بالمنهج المرسوم في الإقتصار على الجوانب الصرفية المتعلقة بموضوعي الإعلال والإبدال . وأخيراً فإن الغاية من هذا المعجم التي وضعها المؤلف نصب عينيه هي خدمة القرآن الكريم ، والوقوف على سُبلٍ تُستثمر من خلالها القواعد ، لتكون بين يدي طلبة العلم في تطبيقات وتدريبات عملية ، هذا بالإضافة إلى رغبته في أن يدفع لطلبة العلم بصفوة أصول علم الصرف بطريقة منظمة ميسّرة