يمثل هذا الكتاب نمطاً فريداً في عالم التأليف، إذ قام بتأليفه وصياغته عالمان جليلان، خبيران بعلم الرجال، فأما الأول فهو الإمام أحمد بن علي المقريزي، المتوفي سنة 845هـ، فقد كان جمع كتاباً صغيراً أسماه "ألتذكرة" شرط ألا يذكر فيه إلا من له تصنيف من علماء الحنفية، فرتب الأعلام على...
يمثل هذا الكتاب نمطاً فريداً في عالم التأليف، إذ قام بتأليفه وصياغته عالمان جليلان، خبيران بعلم الرجال، فأما الأول فهو الإمام أحمد بن علي المقريزي، المتوفي سنة 845هـ، فقد كان جمع كتاباً صغيراً أسماه "ألتذكرة" شرط ألا يذكر فيه إلا من له تصنيف من علماء الحنفية، فرتب الأعلام على حروف الهجاء، وقد يدع بعض الحروف فارغاً كحرف الدال وحرف السين، ربما لعدم وقوعه على أسماء تدخل تحت هذا الحرب أو ذاك ممن ينطبق عليهم شرطه.
وأما الثاني فهو الإمام قاسم بن قطلوبغا، فإنه لما وقف على "تذكرة" شيخه، رآه مختصراً جداً، ويخل بالكثير من الترجمات التي تدخل ضمن شرطه، ولا يزال المجال متسعاً لمزيد القول في الترجمات التي أثبتها المقريزي، فعقد العزم على أن يكون الكتاب أكمل ممّا هو عليه، وأكثر فائدةً. فشمّر عن ساعد الجدّ، وراح يبحث ويدوّن ويستدرك.
فإذا رأى الترجمة وافيةً بالغرض تركها كما هي، وإذا رأى فيها تحريفاً أو تصحيفاً، أو خطأً في تاريخ ولادة أو وفاة، حافظ على قول شيخه كما هو، وقال بعد ذلك رأيه مصححاً أو مستدركاً بعد كلمة: قلت. بحيث يستطيع الباحث أن يميز قول المقريزي وقول ابن قطلوبغا في الترجمة الواحدة.
ثم يضع ترجماته الزائدة بعد ترجمات الأصل، تحت عبارة: وممن يسمى بهذا الاسم منهم: واستطاع بجهده أن يملأ الحروف الفارغة في أصل المقريزي، فأوصل الكتاب بذلك إلى أقرب مراحل الكمال.
ولا بد من القول بعد ذلك، إن الكتاب، وإن تضمن أكبر عدد من مصنفي الحنفية، فإنه لم يستوعب استيعاباً كاملاً كل من ينطبق عليه شرط التصنيف من علماء الحنفية، وليس كل المذكورين فيه ممن ينطبق عليهم ذلك الشرط، فقد يجد المرء ترجمةً لك يذكر لها تصنيف ألبتة، وترجمةً لم يؤثر عنها غير قول فقهي.
وقد كان جل اعتماد الشيخ قاسم علي "الجواهر المضية" للقرشي، و"تاريخ الإسلام" للذهبي، و"تاريخ حلب" لابن العديم، و"القند في تاريخ سمرقند" للنسفي، و"الفهرست" للنديم.