يُعدّ كتاب "صيد الخاطر" الذي دوَّنه الإمام ابن الجوزي، خلاصة تجربة هذا الرجل الكبير؛ ومن خلاله تظهر شخصيته كعالِم نفسٍ بارعٍ، وعالِم إجتماع متميز.إن تأملاته التي دَّونها فيه تكشف عن نظرته الفاحصة، التي تشخِّص الحالة - محلَّ البحث - تشخيصاً دقيقاً، ومن ثَمَّ يكون التقرير...
يُعدّ كتاب "صيد الخاطر" الذي دوَّنه الإمام ابن الجوزي، خلاصة تجربة هذا الرجل الكبير؛ ومن خلاله تظهر شخصيته كعالِم نفسٍ بارعٍ، وعالِم إجتماع متميز. إن تأملاته التي دَّونها فيه تكشف عن نظرته الفاحصة، التي تشخِّص الحالة - محلَّ البحث - تشخيصاً دقيقاً، ومن ثَمَّ يكون التقرير الذي يوجَّه إلى ما ينبغي فعله.
ولذا فهي - في معظمها - بين وصف للعلل والأمراض وبيان أسبابها، حتى تسهل الوقاية منها، وبين وصف للدواء، إذا كان المرض قد تمكَّن من الجسم، إنه بين التحذير... ووصف العلاج... وبيان الحِمْيَة...
ثم إنه يتناول جميع جوانب الحياة الظاهرة، مما تضبطه الشريعة، والباطنة، مما يضبطه قانون الأخلاق ومحاسبة النفس الذي جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق".
ومن هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب؛ إنه خلاصة تجربة هذا الرجل العالم، الذي فقه الواقع الذي يعيشه، وإستطاع بهذا الفقه أن يكون مؤثِّراً في مجتمعه، فَيُسْلِمَ على يده المئات، ويتوب بين يديه الآلاف...
والكتاب - بشكله الذي وضعه المؤلف - يشدُّ القارئ إليه بتنوع موضوعاته، ولكنه يبقى في إطار المعالجة الجزئية للموضوع - محلِّ البحث - الذي يناقشه المؤلف بالخاطر الذي عَنَّ له.
وبما أنه يتوقَّف عند الموضوع الواحد أكثر من مرة، بل مرات في بعض الأحيان، وفي كل مرة قد تكون المعالجة من زاوية غير التي سبقت، لذلك ضم المؤلف الخواطر ذات الفكرة الواحدة إلى بعضها، قد يشكل منها موضوعاً مكتمل العناصر، الأمر الذي يضع بين أيدي القارئ بحوثاً تلبي الحاجة...