التوراة كلمة عبرية أصلها (تورة) ومعناها التعليم أو الشريعة وهي تعني الأسفار التي تلقاها موسى عليه السلام بجبل حوريب في سيناء في الموعد الذي حدده الله له. يتألف التوراة من عدة أسفار (سفر التكوين أو الخليقة، سفر الخروج، سفر الأحبار أو اللاويين، سفر العدد، سفر التنشئة أو تثنية الاشتراع). يبحث السفران الأول والثاني في التاريخ والقصص، والأسفار الثلاثة الأخيرة، تبحث في أمور دينية واجتماعية ومواعظ وتشريعات.
وقد عنى ابن حزم بالكشف عن مغالطات أهل الكتاب في كتابه (الملل والنحل) واليهود يدعون أن أسفار كتابهم المقدس هي التوراة التي نزلت على موسى وأنها كانت منتشرة شرقاً وغرباً ووصلت إليهم خلقاً عن سلف فلا يمكن تحريمها. وقد اعتمد ابن حزم في مناقشة اليهود ومناظرته لهم على أساسين رئيسين هما: المبادئ العقلية المقدرة في أوائل الحس وبداهة العقل، والنصوص المعتمدة عند من يناقشهم.

وقد اتسمت مناقشة بطابع الدقة والتنظيم وهو يستعين بثقافته الواسعة وعلمه بعلوم التاريخ وقد اتبع منهجاً علمياً فهو يسرد حجج خصومه واحدة بعد الأخرى، ثم يكشف عما تنطوي عليه من البطلان. ولم يكتف في البحث في آراء الفرق ومعرفة أدلتها، بل كان يبحث عن شتى البواعث النفسية والاجتماعية التي جعلت الفرق تكثر وتتشبع وتختار تلك الآراء.

وقد قام المحقق بوضع مقدمة للكتاب عرف فيه بالكتاب السماوية وشروط صحتها، وذكر توثيق المسلمين لنصوص الوحي عندهم من كتاب وسنة وذكر الكتب المقدسة عند أهل الكتاب وأقسامها وافتقارها إلى الأسانيد. ثم شرع في تخريج النصوص التي ذكرها ابن حزم وقسم الكتاب إلى خمسة أقسام رئيسية وتتبع ما ذكره المؤلف أو أشار إليه من النصوص والحوادث في الأسفار.