إن مما دفع المحقق لنشر هذه الرسالة وتخريج نصوصها من التوراة وسائر أسفار الكتاب المقدس بعهديه، والتعليق عليها، هو اتخاذها اتجاهاً مضاداً لما درج عليه المستشرقون من التصدي في أبحاثهم لتأثير أهل الكتاب من يهود ونصارى في الدين الإسلامي، وادعائهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم...
إن مما دفع المحقق لنشر هذه الرسالة وتخريج نصوصها من التوراة وسائر أسفار الكتاب المقدس بعهديه، والتعليق عليها، هو اتخاذها اتجاهاً مضاداً لما درج عليه المستشرقون من التصدي في أبحاثهم لتأثير أهل الكتاب من يهود ونصارى في الدين الإسلامي، وادعائهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم إنما تعلم من الأحبار أو الرهبان، ثم لفّق دينه الجديد، اعتماداً منهم على أن السابق يؤثر في اللاحق. ذو الحق والواقع أنه دام مصدر الرسالات السماوية واحداً، وهو الله، وهدفها واحداً، وهو عبادة الله وحده، فليس من الغريب، أن تتفق تعاليمها في أمور كثيرة. وقد قضت حكمة الله الأزلية أن تكون رسالات الأنبياء السابقين بمثابة المقدمة أو التمهيد لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين، فكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة ورسالته إنما تعالج أحوالهم وظروفهم. أما محمد فرسالته إلى الناس كافة وشريعته عام شاملة، تعالج جميع نواحي الحياة في كل زمان ومكان، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، وشريعته خاتمة الشرائع، وليس بعده نبي، ولا بعد الكتاب الذي أنزل عليه كتاب. وما كتبه الحبر إسرائيل بن شموئيل الأورشيليمي في رسالته السبيعية هذه شهادة شاهد (من أهلها) أوضح فيها بالنصوص والأمثلة كيف أن الشريعة الموسوية وهو الخبير فيها ليست إلا مرحلة تمهيدية تناسب بني إسرائيل وظروفهم ، وتعالج أحوالهم وتصرفاتهم إلى أن يأتي التشريع العام والأبدي الكامل الشامل ببعثه محمد صلى الله عليه وسلم ولا تصلح لا هي ولا غيرها أن تكون عامة أبدية.
وليس هذا فحسب، بل ثمة أمر آخر يشهد به المؤلف هذه الرسالة، ألا وهو التوحيد النقي الخالص الذي امتاز به الإسلام، دين جميع الأنبياء. ومن هنا تأتي طرافة هذه الرسالة من الناحية العلمية. وقد سماها السبيعية لما ضمنها من سبعتين من القضايا التنبيهية الحاوية للضوابط الإرشادية، أجاب بها قومه الذين أنكروا عليه تحوّله إلى دين الإسلام، وسألوه عن السبب. وقد استشهد عليهم بالإنجيل، فذكر ما ورد في إنجيل يوحنا من بشارة المسيح بمحمد صلى الله عليه وسلم (الفارقليط) وهي كلمة يونانية قديمة، لا يمكن أن ينطبق معناها مهما كان إلا على محمد صلى الله عليه وسلم.