إذا كانت الحضارة هي الأسلوب الحياتي الإنساني الراقي الذي ينهجه الإنسان في علاقته بالكون والحياة، فأي حضارة تلك التي يدعيها الغرب؟ وإذا كان ما يدعونه حضارة في تصورهم (التكنولوجيا، العمران، الرفاهية بجميع أشكالها) فإن هذه المقومات وعلى ضوء الانفلات الأخلاقي والاجتماعي...
إذا كانت الحضارة هي الأسلوب الحياتي الإنساني الراقي الذي ينهجه الإنسان في علاقته بالكون والحياة، فأي حضارة تلك التي يدعيها الغرب؟ وإذا كان ما يدعونه حضارة في تصورهم (التكنولوجيا، العمران، الرفاهية بجميع أشكالها) فإن هذه المقومات وعلى ضوء الانفلات الأخلاقي والاجتماعي والسياسي...، هي بطريقها إلى السقوط والفناء؛ إن لم تكن سقطت بالفعل من واقع الأرقام والإحصاءات والوقائع والأحداث التي يسهل رصدها، والتي يحوي هذا الكتاب جانباً موثقاً منها، فالقشرة الهشة التي تغطي الحضارة الغربية إذا نفذ الإنسان من خلالها فإنه يجد خلفها مجتمعات منهارة وأمماً محطمة، وما بقاء القيادة والريادة، في طرفها إلا لأن غيرهم لم يأخذ بأسباب السيادة والريادة وحينما أخذوا بها في البداية دانت الدنيا لهم، لكنهم حينما وصلوا إلى الدرك الأسفل الذي يعيشون فيه الآن بدأت أسباب الريادة والسيادة تأخذ طريقها إلى الزوال هذا ورغم وجود كتابات عديدة من كتّاب غربيين منصفين تحدثوا فيها عن معالم وأسباب انهيار الحضارة الغربية بسبب سقوط الفرد وانهيار الأسرة وتفكك المجتمع هناك، إلا أن رؤية الأحداث والاطلاع على الصورة من الداخل من منظورنا كمسلمين يعكس شكلاً آخر من أشكال التقييم والرصد.
ومن خلال هذه الرؤية، فإن هذا الكتاب رصد موثق لمظاهر الانهيار والسقوط للحضارة الغربية قام بها أحمد منصور، مؤلف الكتاب، على مدى خمس سنوات تجول فيها في كثير من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، راصداً أثناء تجواله بعض مظاهر هذا السقوط التي قدمها للقارئ موثقة من خلال مصادر مختلفة، ليكون القارئ على اطلاع بما يدور خلف القشرة الخارجية للمجتمعات الغربية، ويمكن القول بأن رؤية أحمد منصور لهذه المجتمعات من الداخل يزيد من مقدار التوثيق للمعلومات. كما أنها تضيف إلى الجهود التي بذلها السابقون من الكتّاب والباحثين قدراً ولو ضئيلاً في هذا الاتجاه، وتؤكد لبعض المخدوعين بمظاهر الحياة الغربية واقع هذه المجتمعات وحياة البؤس والشقاء التي يعيشونها بسبب بعدهم عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها.