-
/ عربي / USD
التبصير: جُعل الإنسان على بصيرة وبيان، والبصيرة هي القوّة المدركة في الإنسان. لقد نادى الحق عباده المؤمنين ليبصّرهم مسالك الحياة، ومواقع الخير فيها، وليجنبهم مواطن الضرر والعِثار في أرجائها. لقد ناداهم ربّ العزّة مخاطباً فيهم المشاعر المؤمنة، والقلوب الموقنة ليهزّ منهم الأفكار، ويحرك فيهم الهم، ويبعث فيهم نوازع الخير لإيجاد مجتمع صالح. ولقد نادى ربّ العزّة خلقه كما أراد جلّ شأنه، فنادى بعضهم مباشرة، وبعضهم بما أوحى إليهم في كتبه بواسطة رسله من الملائكة الكرام، والمرسلين.
وهناك نداء خاص من ربّ العالمين توجّه به إلى عباده المؤمنين الذي امتلأت قلوبهم يقيناً وتصديقاً به، وانعُقدت على صحة أوامره، وسُلمت مقادتها إليه، موقِنة أن الله تعالى لا يريد بعباده إلّا الخير الذي يولّهم عليه، ولا ينهاهم إلّا عن شرّ محقق وضررٍ محدق ويبعدهم عنه. وقد أدرك هذا المعنى أعلام الاسلام، فبصّروا به الناس، وأرشدوهم إلى ذلك.
هذا وإنّ من تقصّي هذه النداءات، وجد المؤلف أنّها تشمل قسطاً من قواطع الاحكام، وكثيراً من جليل الآداب والأخلاق والفضائل والعلاقات والنظم الأُسرية والاجتماعية، تُخاطب المؤمن في نفسه، وتخاطبه في مجتمعه، وتخاطبه في مجموع الناس كلهم، وهذا وذاك يبين معالم الهداية، ويجنّب الضلالة والغواية، وينشر الأمن والأمان، والسكينة والاطمئنان، وليس بخافٍ أن للنداء حروفه وأدواته، وهي في العربية خمسة حروف، منها ما يستعمل لنداء القريب، ومنها ما يستعمل لنداء البعيد، وقد جاءت في القرآن الكريم كل هذه النداءات بحرف (يا)؛ وهي أم حروف النداء، والأصل فيها نداء البعيد حسّاً أو معنىً: أيّ: من هو بمنزلة البعيد الغافل أو الجاهل، وماذلك إلّا لأن شأن الإنسان الإعراض والغفلة، كما يؤكد النداء بـ (يا) الحِرص من المنادي على إقبال المنادى عليه، وتنبّهه وتفطّنه لما يُدعى إليه. إنّه نداء الإيمان في آيات القرآن الكريم ((يا أيها الذين آمنوا)) قد جاء لتهذيب الإنسان ليرقى إلى قمة الأخلاق الكريمة، والأحكام القويمة، والفضائل.
ومن هذا النداء الإلهي استلهم المؤلف دلالاته ومعانيه، كاشفاً عن مقاصده ومراميه، ليقدّمها لكل مؤمن و مؤمنة، وعاقل وعاقلة، متتبعاً وردّدها في القرآن الكريم، فيعيش القارئ في رحاب القرآن الكريم ورحابها، مستأنساً بمعانيها، متمعِناً بما جاء من بيان فيها، فيمتلئ قلبه بلإيمان، وتسمو نفسه بنداءات الرحمن، وتهفو روحه إلى حيث الدرجات العُلى في الجنان.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد