"شجرة الفرصاد" سيرة على هيئة رواية، سلك من خلالها الكاتب "سيف الرحبي" سبيل الذاكرة المفتوحة، ليقنص منها ما يحلو له، وما يلحّ عليه، من ذاكرة الطفولة والمكان، وكل شيء نابع من حياته الخاصة، أو متصل بالحياة العامة، أو مستوحى من تاريخ بلاده. فيتحول الماضي بكلماته إلى حاضر، وتذهب...
"شجرة الفرصاد" سيرة على هيئة رواية، سلك من خلالها الكاتب "سيف الرحبي" سبيل الذاكرة المفتوحة، ليقنص منها ما يحلو له، وما يلحّ عليه، من ذاكرة الطفولة والمكان، وكل شيء نابع من حياته الخاصة، أو متصل بالحياة العامة، أو مستوحى من تاريخ بلاده. فيتحول الماضي بكلماته إلى حاضر، وتذهب الكتابة إلى ما هو جوهري، وعميق، وكأنما نقرأ حديثاً حميماً يفضي به السارد إلى نفسه، ليحكي لنا عن سر تلك الشجرة " كانت شجرة الفرصاد في حوش منزل (التبينيّات) بسرور، والبئر، التي تحتل ركناً في حوش منزل (مطرح) الذي تؤمه العائلة أوقات الشتاء. كانت شجرة الفرصاد وخاصة على حافة الغروب، حين تبدأ العصافير الدورية والطيور الأخرى ضجيجها الذي يمزق السكون ..."، وهكذا بقدر ما نتوغل في الصفحات تنتصب أمامنا مزايا مصفوفة بعضها إلى جانب بعض، وكل واحدة منها تعكس ملامح فضاء معيش اختزنته ذاكرة السارد تحت ظل شجرة الفرصاد لنعيش معه متعة الحدث وليأخذنا إلى عالمه البعيد زمناً والحاضر مكاناً في وعيه الآن، حيث درس في المدرسة السعيدية والتقى بعدد من الشخصيات المعروفة في المجالس التي كان يأخذه إليها والده، فنعيش معه جمال اللحظة، تلك اللحظة التي تجمع الطالب بأستاذه القدير حمود الصوافي الذي تتلمذ على يديه في سنوات طفولته الأولى، والذي كان رغم تعاقب الزمان والأجيال ما زال الأولاد يتجمعون حوله" رغم صرامته في شؤون الدنيا والدين، لم يندفع إلى التخلي عن الآخر ..." وكأنه يكتب عرفاناً بالجميل ليس لأستاذه فحسب بل لكل من كان سبباً لذاكرة وقادة لكل أحلامه، ونجاحاته، وكل من كان رفيقاً لدربه الطويل وسط جريان الحياة الذي لا ينتهي.