"الملحمة الحسينيّة" واقعة فريدة في التاريخ كلّه، فهل أجدر من خبير كشهيدنا، يكشف لنا عن فرادتها وأوحديّتها؟ لا، فليس ينبئك كمن هو خبير.

"الملحمة الحسينيّة" مدرسة فريدة؛ باقية ما بقيت الأيام، فهل أجدر من أستاذ جامعي عبقري روحاني كشهيدنا، يكشف لنا عن فرادتها بين المدارس، بلسان المنطق والفصاحة، وحديث الواقع والحقيقة؟ لا، فليس يعلّمك كمن هو معلّم.

"الملحمة الحسينيّة" منارة فريدة، بعثت وتبعث بإشعاعها على مرّ العصور، كاشفة زيف التحريف، معرّية باطل الإنحراف الذي شاب مسيرة الدعوة الإسلامية في بواكير أيّامها، مقوّمة ما طرأ عليها من إعوجاج، مزيلة ما علق بها من أدران المصالح الضيّفة، ونزعات التسلّط والسلطان؛ فهل أجدر من محقّق أريب كمحقّقنا الشهيد، بأن يأخذ بأيدينا إلى دروبها، ويسبر أغوارها فيكشف لنا عن فرادتها في الإشعاع؟... لا، فليس يرشدك إلى الحقّ والحقيقة كمن هو محقّق.

"الملحمة الحسينيّة" كانت فريدة بأبطالها، بقائدها، بأهل بيته الكرام، بأصحابه وأنصاره الميامين، برفاق دربه البررة، بالأصالة والحقّ الذي كان رائد كلّ منهم، تلك الفرادة التي اجتذبت أفراداً كثراً من معسكر الأعداء إلى معسكر الحق. يتناول كابتنا هذه الملحمة الفريدة من جانبها الحيّ الملتهب صدقاً وحماساً، المشعّ أصالة ونبل هدف، تناوُلَ الجراح وقد أشرع مبضع الحقيقة والواقع، وراح يزيل ما تراكم عليها من أدران الوهم والخيال، ويكشف زيف ما علق بها من تشويه الأساطير والخرافات، ويدفع ما لحق بها من مبالغات وشطط، تلك العلل التي كانت تخرج بها - لولا أصالتها وفرادتها - عن أصلها وجوهرها وحقيقتها، ثم يبرزها إلينا صافية نقيذة، لا أمت فيها ولا شك، قويمة لا عوج فيها ولا إنحراف؛ ويقدّمها لنا - كما هي جوهراً وحقيقة - حركة مباركة هادفة، وقد قامت على منهج، وسارت بخطوات راسخة مدروسة نحو الهدف، محقّقةً ما شاءه لها بطلها ومفجّرها سيّد الشهداء عليه رضوان الله وسلامه، متسلحاً بإيمانه الأصيل، عارفاً طريقه، واضحةً أمامه أهدافه، بيّنة أمامه غاياته، رافعاً أشرف لواء وأسمى راية، لواء الحق والحقيقة والإيمان، وراية الشهادة والعطاء والرضوان.