-
/ عربي / USD
كيف تحدثُ علاقةُ عشق بين أستاذٍ في الأدب الإنجليزي وامرأة يائسة من الحوشة تحلبُ الأبقار وتنظِّف المراحيض؟.
أيها القارئُ الكريم، أنت أمام روائيٍّ داهية، ورواية داهية، روايةٌ جسور تخوضُ في إشكالياتٍ كبرى مثل اللون والعنصريات والدين والسياسة والجنس.
ببساطة مَن يتناول فنجان قهوة تناوله في الصباح مع مطالعة الجريدة، تُحطّمُ الرواية أهراماتٍ التابو تلك، دون رهبة ولا أقنعة ولا حسابات سياسية؛ تلك الخطوطُ الحمراءُ التي يرهبها الكتّابُ في بلادنا، فيتحلًّوْن بالنقيّة الرمزية والأسلوبية حين يقاربونها، خوفاً من رجال الدولة ومشايخ الدين الذين يتحسَّسون مسدساتِهم، كلما هَمَّ كاتبٌ أن يُشارفها.
يغزلُ "فيليب روث" نسيجَه الروائيِّ بخيوط الثقافيّ والجماليّ والحكائيّ، على نحو تهكميّ فريد، يجعلك تلوكُ العَلكةُ المُرَّةَ وأنت تبتسم، فيما مرارتُها تسري نحو أعماقك، سوف تركضُ بين السطور وأنت تطاردُ تلك الوصمة البشرية التي تُخيفُ بطلَ الرواية طوال عمره محاولاً محوَها، حتى توصله إلى حنفه، بسلام، تُرى ما هي تلك الوصمة؟...
الروايةُ تجاوزُ بين اللغة المركبة المثقفة المتعالية، وبين اللغة الفجّة التي تقتربُ من الإباحية، حدَّ البذاءة، خاصة حين يأتي الكلامُ على لسان السوقة والرعاع من قاع المجتمع الأمريكي.
هنا أعترفُ أن هذه الرواية قد أرهقتني كثيراً في الترجمة إلى العربية، بسبب ذلك المزيج اللغويّ المتنافر وطبقات الحديث المتباينة، والخلط بين الإنجليزية الرفيعة والدارجة الأمريكية السُّوقية.
المعادلةُ الصعبة في الترجمة بعامة، هي محاولة تحقيق أكبر قدر من الأمانة في النقل، مع الحفاظ على آجرومية اللغة المستضيفة المنقول إليها النص، وهي العربية هنا، إضافة إلى إحترام أسلوبية الكاتب؛ لأن الكاتبَ، أيَّ كاتب، هو بالأساس أسلوبٌ، وصوغٌ وتراكيبٌ لغويةٌ، وليس فكراً ومضموناً وفلسفة، فقط.
الحقُ والخيرُ والجمالُ، من وراء القصد.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد