-
/ عربي / USD
الجسور، والمضائق والأصوات مروراً بأقسام المدينة وضواحي معجون الأسنان ولوجاً إلى إمتداداتٍ في الأرض والسماء التي لا يمكن إأنْ تُسمّى بالمسافة السحيقة.
لم يعرف ماذا يريد، كان الليل لا يزال مُهيمناً على النهر، بل نصف ليل، وكانت أبخرة رمادية تتمايل مرتفعة فوق المداخن على الضفة البعيدة، وتخيَّلِ أنَّ العاهرات سيكنَّ الآن قد هربن من الزوايا التي تضيئها أعمدة النور، وهنَّ يهززن مؤخّراتهنّ الشبيهة بمؤخّرات البط، وهناك مِهنٌ قديمةٌ أخرى توشك أنْ تبدأ نشاطها؛ شاحنات المنتجات تخرج من الأسواق، وشاحنات جديدة تخرج من أرصفة التحميل، وشاحنات الخبز تقطع المدينة وبضع سيارات متفرّقةٍ تخرج من مستشفى المجانين وتتهادى على الجادّات، ومكبرات الصوت تضخُّ أصواتاً صاخبة.
أما المشهد الأشدّ نُبلاً فهو الجسر الممتد عبر النهر، والشمس التي بدأتْ تهدر من خلفه.
راقبَ مائة طائر نورس ينتشرون في إثر ماعونٍ يتهادى في النهر، إنها تتمتع بقلوب كبيرة وقوية، يعلمُ ذلك، وهو أمرٌ لا يتلاءم وحجم الجسم.
ذات يوم كان يهتمّ بها وتضلَّعَ في التفاصيل الغزيرة للتركيب البنيوي للطيور، تضلَّعَ في أدقّ المسائل خلال جزءٍ من فترة بعد الظهر.
لم يكن يعرف ماذا يريد، ثم عرَفَ، لقد أراد أنْ يقصَّ شعره، أطال مدة وقوفه قليلاً، وهو يراقب طائر نورس واحداً مرتفعاً ومتماوجاً في وجه هبّة ريح، مُعجباً بالطائر، وينفذ بفكره إلى داخله، في محاولة لمعرفته، شاعراً بالوجيب الثابت والرصين لقلب الطائر القَمَّام النَّهِم.
ارتدى بذلة ووضع ربطة عنق، وقد خفَّقَتْ البذلةُ احْدِيْدابَ صدره الشديد الإنتفاخ، كان يحب ممارسة التمارين الرياضية ليلاً، فيرفع أثقالاً حديدية، ويؤدي تمارين الإلتفاف والضغط على المقعد بحركات رزينة متكررة تستهلك توترات النهار وضغوطه.
أخذ يتمشى في أرجاء الشقة، المؤلفة من 48 غرفة، كان يفعل ذلك حين يكون متردّداً ويشعر بإنقباض القلب، ويمرّ بخطى واسعة على طول بركة السباحة المخصصة للمسابقات، ثم بصالون لعبة الورق، والصالة الرياضية، مروراً ببركة أسماك القرش وغرفة عرض الأفلام، وتوقّفَ عند بيت الكلاب وتحدث إلى كلابه، ثم توجّه إلى الملحق، لكي يتابع حالة العملات ويتفحَّص التقارير.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد