-
/ عربي / USD
"لدى الناس أمور أخرى غير الحبّ ليفكّروا فيها"... عبّر ألبرتو مورافيا أمام أبلسا مورانته بهذه... الكلمات الحاسمة عن شكوكه إزاء تحقيق حول الحبّ كان من المقرّر أن يكتبه بتكليف من مجلّة "أوروبيو".
لقد كانت هذه الشكوك معقولة إذا نظرنا إليها يعبون إيطاليا ما بعد الحرب التي كانت بصدد إعادة الإعمار بعد البؤس والخراب، ومع هذا فإنّنا نجد في جميع العهود والظروف التاريخيّة، أنّ الإهتمام بمشاعر الحبّ لا يتناقض أبداً.
بل إن مورافيا سمّاها في حوار أجراه مع ماريو فورتوناتو مشعلاً ضخماً، ونوعاً من المرض، توسّعاً غير عاديّ للـ"أنا"، ذلك لأنّ الحبّ بكل بساطة "لا يتغيّر"، وربّما لهذا السبب نرى أنّ الأزواج من الفنّانين والمفكّرين كانوا دائماً يمارسون كثيراً من الجاذبيّة، خاصّة عندما تظهر أمام الملأ مراسلاتهم الغراميّة.
في هذه المراسلات التي أرسلها مورافيا إلى مورانته بين 1997 والثمانينيّات نرى كيف يتقابل رجل مع امرأة، وأديب مع أدبية من كبار أدباء القرن العشرين، لذلك فإنّ قيمة هذه الوثائق المجموعة في هذا الكتاب تكمن في شهادة باطنيّة عن رابطة لا يمكن أن نفصل فيها بين الحياة والفنّ.
حتّى إنّ الحبّ ينعكس ضمن بُعد كونيّ آخر، رغم أنّه لا شيء خاصّ أكثر من الحبّ، ولا شيء أدبيّاً أكثر من الحبّ، يدلّ على الأمر رسائل مورافيا هذه التي كتبها بعفويّة وبصدق تفجراً في نفسه دون تأمّلات مسبقة، وبحشمة لا تمنع من مشاركة الآخرين بالمشارع والأفكار وأحاسيس القلق، وما سمّته مورانته "حبّاً بالإكراه" يأخذ هنا شكلاً حقيقياً لــ "صعوبة التعبير العاطفيّ الموروثة عن سنوات المرض والأحزان الطويلة" التي جرّبها الكاتب في عهد الصبا، كما يقول المؤلف.
هذه الرسائل التي نشأت في ساعات بُعدٍ جسديّ وبشريّ عن مورانته سمحت لمورافيا أن يكون دائماً إلى جانبها، أو أن يسمع، للتعويض عن هذا النقص جاءت رسائل مورافيا لتظهر مراحل من حياة مورانته، التي عاشتها بين كثير من الإرهاق والنجاحات الأدبيّة والمآسي، وذلك من خلال تقرّب لم ينكره أحد، ولا حتّى غداة إنفصال الزوجين الذي لم يصبح طلاقاً بمعنى الكلمة، خاصّة، بعد أن بقي الزوجان لخمس وعشرين سنة معاً.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد