شارك هذا الكتاب
عصيان الوصايا
(0.00)
الوصف
كان علي أن أخترق أول التابوهات مطوقة بخوفي وحده؛ فكيف لمخترق المحظور أن يكف عن الخوف وهو أمام كشف مدهش؟؟ شهوة مواجهة المجهول هي ما يجعل الخوف – وليس الإقدام – دافعاً لاختراق المحرمات : الحواس البكر تنقذف في التجربة وتجعلنا نبصر ونشم ونسمع ونتذوق ونلمس وفي الغالب نشم...

كان علي أن أخترق أول التابوهات مطوقة بخوفي وحده؛ فكيف لمخترق المحظور أن يكف عن الخوف وهو أمام كشف مدهش؟؟ شهوة مواجهة المجهول هي ما يجعل الخوف – وليس الإقدام – دافعاً لاختراق المحرمات : الحواس البكر تنقذف في التجربة وتجعلنا نبصر ونشم ونسمع ونتذوق ونلمس وفي الغالب نشم أكثر في الصمت، الخوف من الإنفضاح هو ذاته سر لذتنا في الإكتشاف، الإنفضاح وحده لا يكفي.

مع أول كتاب لمسته يداي – غير كتب المدرسة – فغمت أنفي رائحة التبغ الخام ممتزجة برائحة الكتب الصفراء – الورق الهش والطباعة الحجرية، مزيج من روائح كانت تفور من نبع سري في حجرة معتمة تسللت إليها ذات ظهيرة صيف أنا الصبية الصغيرة التي تتصبب عرقاً وترتعش وهي تعبر الغرفة إلى كشوفها الأولى لتمزق أول الحجب الخوق من انكشاف تسللي إلى حجرة المحرمات يرعش يدي النحيلتين وهما تقلبان الكتب الشهية في بصيص نور يتسلل من كوة وسط السقف يدعونها السماية والكلمة تصغير عامي لصفة منسوبة للسماء. كانت السماء سندي في الإنغماس بالخطيئة الأجمل : إستراق قراءة الممنوع والمحظور.

مفارقة جعلتني وأنا صبية أتمزق بين أشواق أرضية ونزوع سماوي ؛ فدخلت ظلال الكلمات وأطياف المعاني وترحلت في خفاء الحلم دون أن أفقد ظلي. أبي كان ماركسياً حالماً باليوتوبيا والعدالة موه وما – شأنه شأن الكثيرين – بالنظرية التي سحرتهم وعودها الفردوسية هو وصحبه كانو يتداولون كتباً ومجلات وصحفا تعذر علي – وأنا إبنة التاسعة – أن أعي مضامينها، وكانو يتعمدون إغوائي بقراءتها وما كنت أحفل بها آنئذ، أقبلها بعجالة وأهجرها إلى أحلامي وقصصي الطفولية التي كنت أكتبها وأرسم وقائعها في الصفحة المقابلة وأتمتع بخلق شخصيات لا وجود لاه في عالم الكبار المقتن حتى ملأت دفاتري المدرسية كلها بالحكايات والرسوم ونلت عقاباً من معلماتي وزجراً من الوادلين.

مقابل ضلال أبي الماركسي – كلما كان يقال – كان زوج خالتي تاجر التبغ المتدين يخظى باحترام العامة ونفور المتعلمين والمثقفين، ومقابل كتب أبي التي تتخطى فضاء المقدس إلى مدى حرية الفكر وتفنيد ما هو مستقر وثابت من الأحكام كان زوج خالتي يقيم أذكار دينية كل ليلة جمعة في داره أو في خان البلدة القديم، ويؤم الذكر دراويش ومشردون ومتصوفة ومشايخ وجياع ولصوص يتقمصون توبة لليلة واحدة، وكان يرقي المرضى والمصروعين ويعوذ الأطفال بالأحجبة ويقوم هو وجمع من المريدين وعوائلهم بزيارات لمراقد الأولياء لتقديم الولاء والصدقات وفك أسر المأخوذين واستنزال الخصب لأرحام النساء العواقر.

التفاصيل

 

الترقيم الدولي: 9789933617905
سنة النشر: 2020
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 288
عدد الأجزاء: 1
الغلاف: Paperback
الحجم: 14x21
الوزن: 320g

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون 4-8 أيام عمل

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين