-
/ عربي / USD
"بحر بلا إنتهاء!"... هذا هو الذي بين أيدي القراء: موج فوق موج، ودفَّاع بعد دفاع، ورغوة من ورائها رغوة، وحركة في إثر حركة، وأواذيّ مصطفقة، ورياح مصطخبة، ومد وجزر وضوضاء، كأنما انطلقت شياطين الأرض تعوي، وظلام يصد العين عن النظر، وصفا ضفاف يغري بالخوض والسبح، وسُحُب ترِقُ وتكشف، وتتفرق وتتجمع وتهضب ثم تقلع.
في هذا الشعر ما في الحياة والطبيعة، وليس كل ما في الحياة معجباً مونقاً ولا كل ما في الطبيعة الأزهار والرياحين، فثم إلى جانبها الشوك والجبال الجرداء والبراكين الفائرة الثائرة بالخراب والدمار والنقمة، والعقاد نفسه يقرُّ أنّ في ديوانه "غباء" إلى جانب الحكمة ويأساً إلى جوار الرجاء وبغضاً يناوح الحب وكثيراً غير ذلك مما ضاق عنه الشعر وأوجز في بيانه الشاعر ومثل له لتقيس أنت عليه.
وكأنما أراد العقاد أن ينبه القارئ إلى ما ذكرنا من أن ديوانه صورة من حياته تمثل أطوار نفسه وحالاتها وتنقل خوالجها فاستهله بهذه الأرجوزة القصيرة التي سقنا لك منها بيتين، والتي يدفع بها كتابه إلى أيدي القراء كما تدفع المدرعة إلى المحيط، ثم وزع أجزاءه على مدار الحياة، فالأول "يقظة الصباح" النديّ بالأمل والعزم والحرارة والفتوة، والثاني "وهج الظهيرة" ويا له من وهج! وما أحماه وقدة وأهولها دعكة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد