ألمانيا "الأربعينات" الحبلى بالأحلام والآمال المفرطة، المليئة بشعور الفترة المعبّر على أن الإرادة والحماسية كافيتان حتى يلوح العالم الجديد الذي كانت تحسّ بإختلاجه في أحشائها، ألمانيا الفتية التي غذّتها مذاهب هيغل لكن التي لم تعد تكفيها الإسكولائية المتحجرة للعلم، كانت...
ألمانيا "الأربعينات" الحبلى بالأحلام والآمال المفرطة، المليئة بشعور الفترة المعبّر على أن الإرادة والحماسية كافيتان حتى يلوح العالم الجديد الذي كانت تحسّ بإختلاجه في أحشائها، ألمانيا الفتية التي غذّتها مذاهب هيغل لكن التي لم تعد تكفيها الإسكولائية المتحجرة للعلم، كانت ارتمت في المعمة الفلسفية والإجتماعية التي كان يتوجب أن تنتهي إلى عواصف 1848- 1849.
وكانت تسارع للإنضواء تحت راية الراديكالية الإشتراكية، أو كانت تناضل حول برنيوبوير، فويرباخ واليسار الهيغلي، متخذة لها مراكز تجمّع من حوليات هال التي يديرها ريج وجريدة الراين التي يديرها الدكتور الشاب كارل ماركس.
فوق هذا القاع المضطرب والمثقل بالتهديدات، حيث كل كتاب سلاح وحيث كل كلمة فعل وحيث يخرج الواحد في السجن ليغادر آخر إلى المنفى، كان مرور الشبح الباهت والظلّ الزائل للمفكر الكبير المنسي.