شارك هذا الكتاب
تحييد لبنان عن الصراعات العربية والإسلامية
(0.00)
الوصف
كان هدف إحدى عشرة دولة حول العالم اعتمدت الحياد الدائم أن تنعم بالإستقلال والإستقرار السياسي والإزدهار الإقتصادي والإجتماعي، لم يكن الحياد ترفأ سياسياً أو هدفاً بحدّ ذاته، بل كان سبيلاً اهتدى قادة تلك الدول عبره إلى ما تبتغيه شعوبهم من سلام داخلي ورخاء إقتصادي وإجتماعي،...
كان هدف إحدى عشرة دولة حول العالم اعتمدت الحياد الدائم أن تنعم بالإستقلال والإستقرار السياسي والإزدهار الإقتصادي والإجتماعي، لم يكن الحياد ترفأ سياسياً أو هدفاً بحدّ ذاته، بل كان سبيلاً اهتدى قادة تلك الدول عبره إلى ما تبتغيه شعوبهم من سلام داخلي ورخاء إقتصادي وإجتماعي، ففي جولة على الدول الحيادية؛ أوروبية كانت أم أميركية لاتينية أم آسيوية.
يجد الباحث أن بعضها كان حياده نتيجة تصور سياسي أدى إلى رخاء إقتصادي وبعضها الآخر كانت نتيجة تصور وتصميم إقتصادي بحث؛ إلا أنه في الحالتين تتشارك الدول المحايدة في مستوى إستقرار سياسي وأمني أفضل، ودخلاً فردياً أعلى من الجوار القريب لمعظم هذه الدول، وليس هذا الأمر من قبيل الصدفة، إذ أن السويسريين، على سبيل المثال، الذين عانوا من إنعكاس صراع الجوار على أرضهم، وحروب أهلية دامية امتدت لقرابة ستة قرون، ومشاركتهم كمرتزقة في حروب الجوار، استفادوا من إعلان حيادهم في القرن السابع عشر (1638) كي يبنوا في عملية تراكمية دامت قرنين (1848) نظاماً سياسياً فريداً في حين إدارة التعددية، وإقتصاداً جاذباً للرساميل الخارجية مما جعله يحتل اليوم المرتبة الأولى على لائحة الإقتصادات الأكثر تنافسية، والمرتبة السابعة والعشرين لناحية الدخل القومي بالرغم من ندرة الموارد الطبيعية وقلة عدد السكان.

وكما في سويسرا كذلك في كوستاريكا حيث منع الحياد إنتشار عدوى الصراعات المسلحة بين اليمين واليسار التي تسود أميركا الوسطى وطالب كوستاريكا في الأربعينات في القرن المنصرم، وساعد الحياد كوستاريكا على تأمين إستقرار سياسي ومناخ مؤات وثابت للإزدهار الإقتصادي.

وأما النمسا، فكان حيادها ضمانة لإعادة سيادتها وإستقلالها عن الإتحاد السوفياتي والدول الغربية الثلاث التي احتلت النمسا عقب الحرب العالمية الثانية، ومانعاً لتقسيمها بين المعسكرين الشرقي والغربي؛ على غرار ما جرى لجارتها ألمانيا عام 1945؛ وفي لبنان، كانت المنادة بالحياد ترتفع عند تصاعد الصراع الإقليمي والداخلي المتشابك، وكان عدد من الحكومات قد حاول إعتماد سياسات تحييد لبنان عن الصراعات العربية لمنعها من تأجج الإنقسامات الداخلية، إذ لطالما اختلفت الطوائف اللبنانية حول علاقات لبنان الإقليمية والدولية ووجهته ودوره، وخصوصاً في ظل إرتباط هذه الطوائف بحلفاء خارج الحدود اللبنانية، مما يدفع إلى أن توائم السياسة الخارجية اللبنانية بين هذه الإختلافات، فكانت محاولة إستئثار فئة بفرض رؤيتها لوجهة لبنان في السياسة الخارجية تستدعي إستعانة فئات لبنانية أخرى بالدول الخارجية المتضررة من تلك السياسة لتتحالف معها، وتحاول تغيير الواقع الداخلي، مع ما يرافق هذه العملية من مساس بإستقرار لبنان الأمني والإقتصادي ووحدته الداخلية.

أما متى اعتمد لبنان التوافق والتوازن الداخلي المؤدي إلى سياسة خارجية أقرب إلى الحياد فشهد إستقراراً جاذباً للسياح والمستثمرين ورؤوس الأموال، حتى أطلق عليه حينها لقب "سويسرا الشرق"، وبالأخص عندما اتبع لبنان سياسة "مع العرب إذا اتفقوا؛ وعلى الحياد إذا اختلفوا" في ستينات القرن الماضي التي شكلت العصر الذهبي للجمهورية الأولى للإستقلال.

واليوم تهزّ الحرب السورية الإستقرار اللبناني بعدما أثرت على الإقتصاد الوطني، إن لجهة العدد الكبير للاجئين السوريين، أو لناحية تراجع الإستثمارات، وتقلص فرص العمل، والتعثر الذي لحق بطرق التجارة والمناخ السياسي والأمني غير المؤاتي للحركة السياحية، وإنخفاض إيرادات الخزينة.

وبنتيجة الأمر، دفع الصراع الدائر في سوريا وتورط لبنانيين فيه، إلى إرتفاع الأصوات المنادية بالحياد، وقد عزز ذلك إعتماد الحكومة سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية وسط ترحيب دولي، إضافة إلى توافق مبدئي للقوى السياسية في هيئة الحوار الوطني على "إعلان بعبدا" (حزيران 2012)، وما ورد متنه من وجوب تحييد لبنان عن صراعات المحاور الإقليمية والدولية، ما خلا الصراع مع إسرائيل.

إلا أن التوافق على "إعلان بعبدا" لم يعبّر عن قناعة حقيقية بالتحييد والحياد، إذ تعكس خلاصة طاولة مستديرة نظمها مركز عصام فارس في نيسان 2013 أن مشاركين يأتون من مشارب سياسية وتواجهه اعتبروا أنهم جزء من الصراع في سوريا والعالم العربي، مما عقد الأمور وجعل طرح الحياد موضوعاً إشكالياً.

إنطلاقاً من هذا الواقع سعى مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية إلى عقد مؤتمر الغرض منه التحقق بإشكاليات الحياد وتوجيهاته ومقتضاياته، فكان هذا المؤتمر هو العاشر مول "إمكانية حياد لبنان" حيث كانت الأولوية فيه، وتحديداً في الورقة الخلفية، توضيح مفهوم الحياد والغموض والإلتباس اللذين يشوبانه، وتحييد مصطلحات التحييد والحياد الدائم وتعميق البحث بين المسؤولين والرأي العام حول المقتضيات القانونية والسياسية لكل واحد منها.

ويضم هذا الكتاب الذي هو الرابع عشر في إصدارات المركز، مداخلات المشاركين في المؤتمر كاملة، إضافة إلى التقرير التنفيذي الذي يقدم للقارئ خلاصة تلك المداخلات ومقترحات المركز لتحييد لبنان عن الصراعات العربية والإسلامية، فضلاً عن الورقة الخلفية للمؤتمر وبعض الوثائق المتعلقة بالسياسة الخارجية.

التفاصيل

 

الترقيم الدولي: 9789953569680
سنة النشر: 2014
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 183
عدد الأجزاء: 1

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين