يأتي هذا الكتاب والمكتبة العربية والجامعية خاصة تعاني من نقص في الأدبيات التي تتناول الشأن الافريقي وتحولاته في مجال التحول والانتقال الديمقراطي والتنمية، وتحولات القوة والعولمة وتداعياتها بعد الحرب الباردة. وهذا الكتاب ليس بمخطوط يؤرخ للحالة الديمقراطية وما آلت إليه من...
يأتي هذا الكتاب والمكتبة العربية والجامعية خاصة تعاني من نقص في الأدبيات التي تتناول الشأن الافريقي وتحولاته في مجال التحول والانتقال الديمقراطي والتنمية، وتحولات القوة والعولمة وتداعياتها بعد الحرب الباردة. وهذا الكتاب ليس بمخطوط يؤرخ للحالة الديمقراطية وما آلت إليه من تناقضات وعترات في النظرية والتطبيق بفعل عوامل داخلية وخارجية، ولكنه يستشرف طبيعة أوضاع القارة من خلال نماذج وقضايا وموضوعات ذات علاقة بالديمقراطية والتنمية والحقوق والتكامل الوظيفي في محاولة لتوفير مرجع أكاديمي يتضمن مجمل هذه القضايا. لقد تعرضت التجربة الإفريقية للديمقراطية ومنذ الاستقلال والى يومنا هذا إلى عدة مراحل من الشد والجزر. ومن عقيدة التمسك بالموروث الإفريقي للحكم والسياسة والذي يذهب إلى ألالاف السنين. وكيف كان الموروث الإفريقي يعرقل تقدم مسارات الانتقال والتحول الديمقراطي وأثارها على مسارات التنمية الإفريقية. حيث شهد العقد الأخير من القرن الماضي جدلاً واسعاً عبر أرجاء القارة الإفريقية، وتصاعد المناشدات والاحتجاجات السياسية سواء من داخل القارة أو من خارجها للمطالبة بضرورة إحداث تحولات (سياسية واقتصادية واجتماعية) بعيداً عن النظم السلطوية ونظم الحزب الواحد والنظم العسكرية وذلك على أسس الأخذ بالإصلاحات الليبرالية سواء في صورة الليبرالية السياسية بما تتضمنه من تعددية سياسية، وتبنى انتخابات تنافسية، وإقرار مبدأ تداول السلطة وبهدف استجلاب نماذج جديدة وجيدة للحكم، وأيضاً بالتركيز على تبني الليبرالية الاقتصادية في صورة الرأسمالية بما يعنيه ذلك من حرية التجارة وحرية انتقال عوامل الإنتاج وتخفيض سيطرة الدول عليها، وتشجيع القطاع الخاص (الخصخصة) والأسواق المفتوحة، وغيرها، في حين لم يكن انتشار مثل تلك الموجة في بدايته على نسق واحد وبنفس درجة الاتساع في كل مكان داحل أفريقيا، فإن هذه الضغوط والتجركات والإجراءات المؤسسية الوطنية والدولية ذات الصلة بذلك وقوة الدفع المصاحبة لها لم تلبث أن عمت معظم الدول الأفريقية. وعليه يحاول هذا الكتاب أن يعالج فرضية أساسية مفادها أن مفهوم عمليات السياسة والتنمية، والدمقرطة والحقوق في إفريقيا يختلف باختلاف مفهوم الديمقراطية والموروث الإفريقي للسياسة والحكم والحقوق مفاهيمياً في النظرية والممارسة. وتعتمد المعالجة العلمية لهذا الكتاب على تقديم الظاهرة والإشكال التي اتخذتها إفريقيا. وقد يفاجأ القارئ بغياب وحدة موضوع الكتاب، ولكن لأهمية الموضوعات التي يتناولها الكتاب وتماثلها وعلاقتها بأوضاع القارة الإفريقية تجعل من مادة هذا الكتاب مصدر تحليلي للقضايا التي تم التعرض لها.