على الرغم اهتمام الإنسان بالمعرفة منذ أقدم العصور إلا أن التأطير المفاهيمي لها لا زال بعيداً عن الإكتمال لا سيما في المجالات الإدارية. ويعود هذا القصور في جزء منه إلى طبيعة المعرفة ومجالاتها وإلى كيفية إدراكها أيضاً. المعرفة ببساطة هي المعلومات والحقائق والخبرات والمهارات...

على الرغم اهتمام الإنسان بالمعرفة منذ أقدم العصور إلا أن التأطير المفاهيمي لها لا زال بعيداً عن الإكتمال لا سيما في المجالات الإدارية. ويعود هذا القصور في جزء منه إلى طبيعة المعرفة ومجالاتها وإلى كيفية إدراكها أيضاً. المعرفة ببساطة هي المعلومات والحقائق والخبرات والمهارات المتراكمة عند الفرد، وهي ليست قاصرة على ما يقدمه العلماء والمفكرون والمختصون في مختلف فروع المعرفة العلمية بل تشمل أيضاً نتاج عقول البشر على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية، وعليه فإن للمعرفة درجات من الصحة والدقة وليس كل ما يعرفه الفرد بالضرورة صحيح، كما أن للمعرفة مستوياتها من النضج والكمال.
ويتفق علماء الإدارة المعاصرون على أن "المعرفة" هي المورد الأكثر أهمية بالنسبة للمنظمات التي ترغب في ضمان تحقيق نجاح متواصل في مجتمع المعرفة. لقد تغيرت لغة الإدارة في عالم اليوم من تركيزها على العمل العضلي والمهارات الفنية الرتيبة إلى القدرات العقلية المرتبطة بالتصور والتحليل والتسبيب. إن السؤال الذي يشغل بال مدراء اليوم هو ماذا نفعل وليس ماذا نصنع؟ ولا شك في أن الإجابة على سؤال بهذه الأهمية يلزم الإدارة باستمرارية جرد ما تملكه من المهارات والقابليات التي يتمتع بها الموهوبين في المنظمة لأن المعرفة وقابلية الناس على إنتاجها واستخدامها تعد رأس المال الوحيد الذي تمتلكه المنظمة.
وليس من المستغرب أن تهتم المنظمات بالمعرفلة كل هذا الإهتمام لأن المعرفة هي المصدر الإستراتيجي الأكثر أهمية من بين جميع الموارد الأخرى في بناء الميزة التنافسية. وهي أساس الإبداع على مستوى الأفراد والمنظمات.
إن الذي يلفت الإهتمام حقاً في الكتب الإدارية لا سيما العربية منها، أنها أخذت تهتم بموضوع المعرفة وإدارتها إلا أن القليل منها حاول التكلم عنها في إطار المنظمة. إزاء هذا القصور حاولنا أن نفرد هذا المؤلف ليتناول المعرفة التنظيمية وكيفية غدارتها في المنظمات المعاصرة.
يتألف الكتاب من أحد عشر فصلاً: اهتم الفصل الأول بأساسيات المعرفة التنظيمية. وفي الفصل الثاني تناولنا المداخل الأساسية لإدارة المعرفة التنظيمية. وفي الفصل الثالث تركز الإهتمام في بحث المعرفة التنظيمية في النظريات الإدارة المختلفة التي ظهرت خلال القرن الماضي. كما انفرد الفصل الرابع ببحث عمليات ونظم إدارة المعرفة التنظيمية. وفي الفصل الخامس تمت مناقشة رأس مال المعرفة التنظيمية من حيث المكونات وأساليب القياس. أما الفصل السادس فقد خصص لبحث صناع المعرفة التنظيمية وأفضنا في شرح موظفي المعرفة وأنواعهم وكيفية إداراتهم. وفي الفصل السابع تم التركيز على استراتيجية المعرفة التنظيمية وكيفية تشخيص المعرفة التنظيمية مع بيان المداخل الإستراتيجية لها وأساليب تقسيمها. وفي الفصل الثامن تناولنا موضوع التعلم وأهميته في إدارة المعرفة التنظيمية. وفي الفصل التاسع تناولنا أبرز المحددات التي تعرقل بشكل مباشر عمل إدارة المعرفة التنظيمية. وفي الفصل العاشر تم التعريف بالمنظمات المتعلمة وبيان أهميتها وأبرز خصائصها. وقد اختتم الكتاب بالفصل الحادي عشر الذي أكد على أهمية السلوك الأخلاقي السوي في التأسيس السليم والفعال لإدارة المعرفة التنظيمية.