اختلف عالم اليوم كثيراً عن عالم الأمس، عالم ازدادت فيه التعقيدات وتنوعت فرصه وتحدياته واشتدّت فيه حدّة التنافس. عالم ظهرت فيه حاجات ورغبات المستهلكين لم نكن نتخيّلها أساساً قبل عشرة سنوات. اليوم نرى إعداد الشركاء والحلفاء الاستراتيجيين قد ازدادت بشكل ضخم مقارنة بما كان...
اختلف عالم اليوم كثيراً عن عالم الأمس، عالم ازدادت فيه التعقيدات وتنوعت فرصه وتحدياته واشتدّت فيه حدّة التنافس. عالم ظهرت فيه حاجات ورغبات المستهلكين لم نكن نتخيّلها أساساً قبل عشرة سنوات. اليوم نرى إعداد الشركاء والحلفاء الاستراتيجيين قد ازدادت بشكل ضخم مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عقد من الزمان. مئات الشركات أعلنت إفلاسها ومثلها أن لم يكن أكثر كانت ميداناً رحباً للفساد الإداري والممارسات غير الأخلاقية. آلاف الشركات دخلت إلى الأسواق العالمية ومثلها أو أكثر اندمجت أو أوشكت على الاندماج. المئات من المصطلحات الجديدة برزت في كتب الإدارة خلال السنوات الأخيرة: تقليص الأعمال، والوصول إلى الحجم الصحيح، وإعادة الهندسة، والأيزو، والزكما سكس، والجودة الشاملة، وبطاقة الأداء المتوازن، والإدارة الالكترونية والتسويق الالتكروني، والذكاء الصناعي، والفيس بوك والتويتر، والثور الخلاقة والإدارة بالفوضى. هذه مجرّد أمثلة بسيطة على ضخامة التحول في الفكر الإداري المعاصر. لكننا نجد بالمقابل أن أغلب مؤسستنا العربي ترزح تحت ثقل التخلّف الإداري على صعيد الفكر والممارسة، فلا هي حققت ما يطمح إليه المواطن العربي ولا هي طوّرت نفسها لتواكب التطور الذي أحاط بها. صحيح أن أسباب ذلك عديدة لكن ممارسة الإدارة العلمية المتطوّرة هي أساس تقدم الشعوب.
إن المطمح النهائي لهذا الكتاب هو تمكين القارئ من تفهم حقيقة منظمات الأعمال بمنظار استراتيجي يتناقض تماما مع مناظير الفكر التقليدي التي تعاني منمها إدارتنا العربية. وعندما نقول بالمنظار الاستراتيجي فمعنى ذلك أن نساعد القارئ على فهم الإدارة الاستراتيجية من حيث أصولها وأسسها العلمية برؤية استراتيجية تساعده على التعامل مع منظماتنا العربي من منظلق الحاضر بالاتجاه نحو المستقبل الأمر الذي يجعلها أكثر واقعية.
يركز الكتاب على مجموعة من الأهداف منبثقة أساسا من أساسيات عملية الإدارة الاستراتيجية وتسعى إجمالاً إلى تكوين إطار تحليلي يمكّن طالب الإدارة من فهم مبادئ وأهداف وفوائد الإدارة الاستراتيجية وتطوير قابلياته في تحليل مكونات البيئة الحالية والمستقبلية للمنظمة وتدقيق عناصرها الأساسية بهدف الوصول إلى الأداء الأفضل. هذا إلى جانب اهتمامه المباشر في تطوير وتحسين مهارات طالب الإدارة والعاملين في الميادين الإدارية في اتخاذ القرارات الاستراتيجية والتعامل مع المشكلات الفكرية المعقدة.