-
/ عربي / USD
بالنظر إلى ما يلعبه الدين، وبأبعاده الرؤيوية والتصوّرية، ناهيك بمفاهيمه العقائدية وقواعده التشريعية، من دور خطير وحاسم داخل بنية الإجتماع، فقد شكّل الوعي الديني بؤرة تفاعلات تجمَّعت فيها قضايا ومصائر وآفاق مجتمعات بشرية واسعة، ولم يكن العالم الإسلامي إستثناء بأي حال، فعلى مدى تاريخ مديد وحافل، استصنع العقل الإسلامي لنفسه أصنامه وأوثانه، التي باتت قيوداً تكبّله وتشلّ حركته بعدما أرهقه اللامعقول وكسرت الخرافة بوصلته.
لكن قدر هذا العقل أن يخلق من رحم ورطته بالذات خلاصه، وان يُجابه من داخل سياجاته عينها تحدّياته، ويصحِّح إنحرافاته، ويذهب بعيداً بإتجاه إعادة صقل مفاهيمه وتجديد أدواته، ففي ظل بحث العالم الإسلامي القلق عن نهضته الغائبة، يبرز التعاطي العقلاني مع المسائل كأيسر السُبُل وأوكدها لرسم معالم تلك النهضة المنشودة، وذلك غوصاً في عُمق أعماق الذات بتقليب وعيها وتمحيص إدراكها، حتى لا يستنجد الفكر بأدواته البالية فيستغيث ولا يُغاث.
هذا الكتاب هو محاولةً للإحاطة بإشتغال العقل الإسلامي، أكان في تجلّيه النظري أو في حضوره العملي، ورصدٌ لعوائق تحرّره وتحدّيات أنبعاثه، وبالقدر عينه، ينشغل السؤال بالآخر، بالغرب تحديداً الذي طالما أقضّ مضجع الذات وترصّدها بالإيجابيات والسلبيات على السواء؛ فلا عجب أن يبدو العقل الإسلامي مهووساً مهجوساً بالغرب، فسطوته ترهقه، وإنجازاته طوراً تُلهمه وآخر تسلبه رشده.
ومؤلِّف هذا الكتاب، د. عز الدين عناية، الباحث المختصّ في الشؤون الدينية واللاهوتية، والأستاذ في جامعة لاسابيينسا بروما والأورينتالي بنابولي، بالقدر الذي يُعالج فيه مسائل فكرية وعقائدية ويرصد إشكاليات حضارية، يتبع كذلك وقائع من مجريات الحياة اليومية، فليس العقل الإسلامي عنده جوهراً مفارقاً، كما دأب النظر إليه والتعاطي معه، بل هو مشاكل معيشية وإشكاليات معرفية باحثة عن تسويات وإجابات شافية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد